* ثمَّ إن الشيخ في كتاباته: صاحبُ ابتكار وإبداع، وصاحبُ ذوق وفقه ودراية، (هو فقيهُ النظر، له دُربة بأقوال الناس ومذاهب الأئمة من السلف وأرباب المقالات) (١). وبالجملة فالشيخ صاحبُ فكرٍ أصيل ناضجٍ، وصاحبُ فكر استقلاليٍّ بلغ الذروة في ذلك؛ حتى وُصف بصاحب (الفكر الاجتهادي).
* ثمَّ إن من أخص وأبرز ميزات كتابات الشيخ ابن عبد السلام: أنه يمزج الفقه بالتربية والسلوك. فهو إلى جانب ضلاعته في فقه الأحكام: صاحبُ شفافية، وحِسّ باطني مُرهَف فيما يتعلق بتطبيق العلم في واقع حياة الشخص، والتفطن لدقائق الآداب الشرعية التي هي ثمرة العلم.
إن من يقرأ للشيخ ابن عبد السلام يجد أن الشيخ يوقظ فيه ضميرَه الداخلي، وحِسَّه الإيماني (أو ما يسمى بلغة الفقهاء: الجانب الدِّياني) بحيث يحمل القارئَ على محاسبة النفس محاسبةً ذاتيةً تنطلق من الرقابة الداخلية تجاه أعماله وخطواته، وهي المعبَّر عنها في قول الله تعالى: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى
_________
= قال: (ثم فصّل (أي الشيخ ابن عبد السلام) ذلك في سورة الفاتحة التي تُقرأ في الصلاة، وتكَلَّم عن أفعال الصلاة حتى ختمها).
قال: (وقد حظيت هذه الرسالة النفيسة بعناية السلطان الملك الأشرف فكان يأمر بتلاوتها كلما دخل عليه أحد من خواصّه. . . قال ابن السبكي: قُرئت عليه -أي السلطان الملك الأشرف- (مقاصد الصلاة) في يوم ثلاث مرات،. . . وكُلّما دخل عليه أحد من خواصَّه يقول للقارئ: (اقرأ (مقاصد الصلاة) لابن عبد السلام، حتى يسمعها فلان، ينفعه بسماعها). الشيخ عز الدين بن عبد السلام للدكتور الصلّابي ص ٣٩.
(١) هذه كلمة للصفدي في الوافي بالوفيات ٢: ١١٥ قالها في حقه شيخه الحافظ الذهبي ﵀.
1 / 69