وقاضي القضاة المعمّر جمال الدين الحرستاني (١)، وأخذ الأصول عن الإمام الأصولي سيف الدين الآمدي، أحد أذكياء العالم (٢).
وبرع الشيخ في الفقه والتفسير والعربية، وفاق الأقران في سائر العلوم المتداولة، فكان إمام عصره بلا مدافعة لا سيما في اطلاعه على حقائق الشريعة وأسرارها ومقاصدها، عديمَ النظير ورعًا وقيامًا في الحق وقمع الضلالات والبدع، وشجاعةً، وقوةَ جَنان، وطلاقةَ لسان، (مع البراعة في التصنيف واقتناص أبكار الأفكار) (٣). وانتهت إليه رئاسة المذهب الشافعي. وشهرتُه تغني عن الإطناب في وصفه.
وقد تخرّج به تلامذةٌ، منهم ثلاثةٌ وُصفوا بأنهم بلغوا رتبة الاجتهاد. وهم:
١ - شيخ الإسلام ابن دقيق العيد: محمَّد بن علي القشيري المنفلوطي، المولود سنة ٦٢٥ والمتوفى سنة ٧٠٢. ويكفيه فخرًا وشرفًا قول شيخه ابن عبد السلام عنه: ديارُ مصر تفتخر برجلين: ابن المُنيّر، وابن دقيق العيد.
٢ - الإمام العلامة القرافي: أحمد بن إدريس الصنهاجي، صاحب
_________
(١) جاء في ترجمته من سير أعلام النبلاء ٢٢: ٨٢ قول الشيخ عز الدين بن عبد السلام عن شيخه هذا: إنه لم يَرَ أفقه منه. وجاء أيضًا في الترجمة نفسها قولُ سبط ابن الجوزي عنه: اتفق أهل دمشق على أنه ما فاتته صلاة بجامع دمشق في جماعة إلا إذا كان مريضًا.
(٢) جاء في ترجمته من طبقات الشافعية لابن السبكي ٨: ٣٠٧: ويُحكى أن شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام قال: ما سمعتُ أحدًا يُلقي الدرس أحسن منه، كأنه يخاطب ...؛ وقال الشيخ ابن عبد السلام أيضًا: ما علمنا قواعد البحث إلا من سيف الدين الآمدي. وقال: لو وَرَدَ على الإسلام متزندقٌ يُشكِّك؛ ما تَعين لمناظرته غيرُ الآمدي لاجتماع أهلية ذلك فيه.
(٣) مقدمة الأستاذ عمر حسن القِيّام لكتاب (الفروق) للقرافي ١: ٢٤.
1 / 66