يُستعمل في غير الله ﷾، كقول الشاعر (وهو الأعشى): (سبحان من علقمةَ الفاخر)، فاستعمَل مادة (التسبيح) لغير الله تعالى. فإذًا مقتضى ذلك -حسب ما يريد البلقيني- أنه لا بد من القصد والنية في لفظة (التسبيح).
وهذا تسامح غريب من البلقيني، فإن من المعلوم أن التسبيح إذا أُطلق لا يراد به إلا تسبيح الله تعالى، وهو ما أراده الشيخ ابن عبد السلام.
أما أن يقال: إنه قد يراد به تسبيح غير الله تعالى بناء على بيتِ شعرٍ لشاعرٍ جاهلي! فيبدو ذلك تكلفًا شديدًا! وهل يوجد اليوم من يقول عن شخص: (سُبحان فلان)؟ أو يقول عن شيء: (سبحان ذاك الشيء)؟!
ثمَّ ناقش البلقيني الشيخَ ابن عبد السلام في لفظتي (التكبير) و(التقديس) أيضًا، مناقشة لفظية متكلفة.
والخلاصة أن تعليق البلقيني على هذا النص كله، متكلف جدًّا، لا يعدو أن يكون مجرد نقاشات لفظية بعيدة عن السجية التي ينطلق منها الشيخ ابن عبد السلام في تقرير تلك الأحكام. ويمكن أن يقال للبلقيني في هذا المقام، نفسُ ما قاله هو للشيخ ابن عبد السلام -في موضع من الكتاب-: (إنه أعلى قدرًا، وأدقّ فكرًا من كلامه الذي أورده في هذا الموضع) (١).
ومن شواهد مثل هذه التعليقات أيضًا المتكلَّفة: تعليقات البلقيني على النصوص من ٢٨٢ - ٢٨٩ فهي لا تخلو في الجملة من تكلفات ومناقشات لفظية.
هذا وقد تقع مسامحات علمية أخرى من البلقيني -غير ما تقدم- مما لا تختص بتعقباته على الشيخ ابن عبد السلام.
فمن ذلك مثلًا: ما جاء في تعليقه على النص رقم ٥٠ حيث نَسَب فيه
_________
(١) النص ١٦٦ من الكتاب.
1 / 53