فمن ذلك مثلًا:
أن الشيخ ابن عبد السلام ذكر أمثلة لتعارض أصلٍ وظاهرٍ، ومنها: (المثال الرابع: إذا اختلف الزوجان في النفقة مع اجتماعهما وتلازمهما ومشاهدةِ ما ينقله الزوج إلى مسكنها من الأطعمة والأشربة). قال الشيح: (فالشافعي يجعل القولَ، قولَ المرأة، لأن الأصل عدم قبضها كسائر الديون. ومالكٌ يجعل القولَ، قولَ الزوج؛ لأنه الغالب في العادة، وقولُه ظاهرٌ) (ينظر النص رقم ٤٠٨).
فقد دافَع البلقيني في تعليقه على هذا المثال، عن مذهب الإمام الشافعي، وانتَصَر لما اختاره الإمام، بحديث هند المشهور ﵄: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيكِ ويكفي بَنِيكِ).
ووجه الاستدلال ما وضّحه البلقيني بقوله: (سواء قلنا: إن ذلك قضاء أو فتوى، لأنه إن كان قضاءً فواضحٌ. وإن كان فتوى فلو لم يكن القولُ قولَها، لقال لها النبي ﷺ: إن العادة والظاهر أن الأزواج يكفُون زوجاتهم وأولادَهم. ولم يسلّطها على الأخذ من ماله، ما يكفيها ويكفي بَنِيها ...).
ومثال آخر:
ذكر الشيخ ابن عبد السلام في فصل تعارض ظاهرين: (إذا تأمل الناسُ الهلال، فشهد برؤيته عدلان منهم، ولم يتفوّه غيرهما برؤيته، فقد اختلف العلماء فيه. فسمع الشافعي ﵀ شهادتهما لظهور صدقهما بما ثبت من عدالتهما الوازعة عن الكذب. ورأى بعض العلماء ردّ شهادتهما لأن العادة تكذِّبهما، فإن العادة أن الجمع الكثير إذا رأوا الهلال: شَهَّرُوه وتفوّهوا برؤيته. فإذا لم يتفوّه برؤيته إلا الشاهدان، دل الظاهر المستفاد من العادة على كذبهما أو على ضعف الظن المستفاد من قولهما) (ينظر النص رقم ٤١٦).
فعلّق البلقيني على هذا ببيان دليل الإمام الشافعي، فقال: (دليل مذهب
1 / 43