The Fatwa of Sheikh al-Islam on the Ruling of Those Who Change the Laws of Islam
فتوى شيخ الإسلام في حكم من بدل شرائع الإسلام
وفي صحيح مسلم عن زيد بن وهب أنه كان في الجيش الذي كانوا مع علي الذين ساروا إلى الخوارج، فقال علي: أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "يخرج قوم من أمتي يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء، ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء، يقرؤون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم، لا تجاوز صلاتهم تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية". لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما قضى لهم على لسان محمد نبيهم لنكلوا عن العمل، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد ليس له ذراع، على عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض. قال: فيذهبون إلى معاوية وأهل الشام ويتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لأرجو أن يكونوا هؤلاء القوم، فإنهم قد سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس، فسيروا على اسم الله. قال: فلما التقينا وعلى الخوارج يومئذ عبد الله بن وهب رئيساً فقال لهم: ألقوا الرماح وسلوا سيوفكم من حقوتها فإني أناشدكم كما ناشدوكم يوم حروراء، فرجعوا فوحشوا برماحهم وسلوا السيوف وسحرهم الناس برماحهم. قال: وأقبل بعضهم على بعض وما أصيب من الناس يومئذ إلا رجلان. فقال علي: التمسوا فيهم المخدع، فالتمسوه فلم يجدوه، فقام على سيفه حتى أتى أناساً قد أقبل بعضهم على بعض، قال: أخروهم. فوجدوه مما يلي الأرض، فكبر ثم قال: صدق الله وبلغ رسوله. قال: فقام إليه عبيدة السلماني فقال: يا أمير المؤمنين، الله الذي لا إله إلا هو أسمعت هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: إي والله الذي لا إله إلا هو. حتى استحلفه ثلاثاً وهو يحلف له أيضاً.
فإن الأمة متفقون على ذم الخوارج وتضليلهم، وإنما تنازعوا في تكفيرهم على قولين مشهورين في مذهب مالك وأحمد، وفي مذهب الشافعي أيضاً نزاع في كفرهم، ولهذا كان فيهم وجهان في مذهب أحمد وغيره على الطريقة الأولى:
أحدهما: أنهم بغاة (١) .
(١) والقائلون بهذا الوجه قد اعتبروا أن مانعي الزكاة أيام أبي بكر الصديق شبهة سائغة فكان=
19