Fatinat Imbaratur
فاتنة الإمبراطور: فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا السابق وعشيقته كاترين شراط
Noocyada
فامتقعت الفتاة وقالت: وأنا الطير المطمئن. - أخاف أن يكون عمر هذه النعمة قصيرا يا أميليا. - وأنا أخاف أن أنقل إلى قفص آخر يا جوزف. - ولكن البارونة وعدت وقالت إن وعد الحر دين. - ويحك، بماذا وعدت. - وعدت بأن آتي إلى هذا القفص حين أشاء. - يا لله إني مدهوشة مما تقول! لأن عهدي بالبارونة أن تحرم مرور النسيم في محضري إذا كان ينقل خبري، فكيف لعبت في عقلها؟ - لا أعتقد أني لعبت في عقلها، بل هي لعبت في عقلي. - كيف ذلك؟ - لا أفهم إني مخبول، لا أدري إلا أنها فتحت لقلبي صدرها كما فتحت لجسمي دارها. - فتحت لك صدرها! - أجل، أمنتني على سر خطير. - يا لله! ما هو؟ - سر وتسأليني ما هو؟ - إذن في نفسك أمور أقرب لقلبك مني؟ - حاشا يا أميليا، وإنما أخاف أن أخسر قربك إذا أفلت سر البارونة. - إذن السر مختص بي؟ - لا، وإنما حفظه شرط لحصولي على هذه النعمة. - أية نعمة؟ - نعمة لقائك. - ويحك أشغلت بالي، أكاد أثق في إخلاص البارونة لك. - لا أدري، أخاف ... - عجبا! لو علمت السر لاستطعت أن أحكم في قيمة وعد البارونة، ولكن لا، لا تقله إذا كان حفظه شرطا، ترى من يهم هذا السر؟ - لا أكتم عنك أنه يهم جلالة الإمبراطورة. - جلالة الإمبراطورة! - أجل، ولأجلها أنا مسافر في مهمة خطيرة الآن. - إلى أين؟ - عفوك لا تسألي. - إذا كانت مهمتك خدمة للإمبراطورة فثق بوعد البارونة إذن، ولكني أعتقد أن في المهمة ما يخصني. - ما الذي يحملك على هذا الاعتقاد يا أميليا؟ - هو التفات سمو البرنس رودلف إلي في هذه الأيام.
فأجفل جوزف وقال: الله! ماذا تقولين؟ - أقول إن سموه يتردد كثيرا في هذه الأثناء إلينا ويطلب امتثالي لديه، ويلاطفني ويداعبني في دروسي ويحزرني في علومي. وهو كما لا يخفى عليك محب للعلم والأدب ومتضلع فيهما. - أجل، ولكن لماذا يتردد سموه إلى هنا؟ - لا أدري، وإنما تردده واهتمام البارونة بأمري ولا سيما في الآونة الأخيرة، حملاني على الظن أن هناك حركة بشأني لا أفهم ما هي. - وهل تظنينها حركة سيئة. - لا لا، بل بالعكس أشعر أنها حركة سارة لولا ما فيها من الغموض، ولا سيما غموض المستقبل. - ويلتاه! أخاف أن تؤدي هذه الحركة إلى بعادك عني.
فوجفت الفتاة وقالت: معاذ الله، ولكن آه، لا أدري، كل شيء ممكن في هذه الدنيا. - إذن ما العمل؟ - ويحك لا أدري، إني كالسابح في الأوقيانوس العظيم لا يدري أي الشواطئ أقرب إليه. - إن أمرك لعجيب، ألا تدرين ما هي علاقتك بالإمبراطورة؟ - بالإمبراطورة؟ - نعم. - لا أدري أن لي علاقة بها. - البارونة تقول أن جلالتها المهيمن الأول عليك. - ويلاه لا أدري شيئا من ذلك، ولا أعلم بمسيطر علي قبل البارونة وبعدها. - عجبا إنك لا تدرين شيئا عن نسبك. - إني متألمة لجهلي هذا السر، وليس في وسعي البحث عنه، إني كالعصفور السجين في القفص.
فقال جوزف باسما في إبان انشغاله بالحديث: ولا ذنب لهذا العصفور إلا جماله وتغريده.
فتوردت قائلة: آه، بئس المحاسن إذا كانت علة لاسترقاق ذويها . - عجبا أن تشكي يا أميليا ونعم الإمبراطورة تحف بك. - لست أشكو إلا من غموض أمري الذي أشعرني بأن عناية البارونة بي قيد لحريتي، ولا سبيل لي وأنا في قيدي هذا إلى كشف الستار عن تاريخ حياتي الأولى، لم أع إلا وأنا في الدير ثم انتقلت من الدير إلى دير أضيق دائرة وإن كان أجمل زخرفا وأنفس رياشا. - عجبا ورئيسة الدير لم تقل لك شيئا عن ذويك؟ - لم تقل ولا تقول.
عند ذلك سمعا مدام ميزل تدعوهما لتناول الشاي في المائدة، فقالت أميليا: ها نحن وافيناك.
وقال جوزف: إني مبارح في هذه الساعة على أمل أن أعود إليك غدا، فهاتي قبلة من يدك أتزود بها حياة إلى الغد.
وتناول كفها وقبلها قبلة طويلة، وهي تقول: صه، مه، أخاف أن ترانا مرغريت. - صلي لأجلي يا أميليا لكي أعود سالما، إني معرض للأخطار. - ويلاه! لا تترك في قلبي قلقا عليك. - لا تخافي إني أقاوم الأخطار حرصا على حياتي التي وقفتها على عبادتك. - رباه! أخاف عليك من طوارئ الحدثان. - ألا تسلحيني بتعويذة ضد هذه الطوارئ؟
وكانت عيناه تتجاولان حول صدرها وعنقها، وكان في عنقها سلسلة ذهبية علق فيه قلب ذهبي مرصع، فخلعت السلسلة من عنقها وقالت: هذا قلب فيه صورة سيدتنا مريم عليها السلام، فاحفظه تعويذة لك والعذراء تحرسك. - إنه لحرز نفيس جدا يا أميليا، لعل مهديه لك ينكر عليك التخلي عنه ولو يوما. - لقد أعطتنيه رئيسة الدير يوم وداعي ديرها، فلا حرج في أن تحرص عليه يوما لتحرسك صاحبة الصورة. - هذا هو رمز القلب يا أميليا، فأين رمز الجسم الذي يعي القلب؟
فضحكت قائلة: ويلاه! أخاف أن أعطيك رسمي فيقع في يد سواك. - إن كنت تحبينني يا أميليا فلا تخافي شيئا، إن كل أثر منك أعز عندي من حياتي.
Bog aan la aqoon