Faadumo Zahraa iyo Faatimiyyiin
فاطمة الزهراء والفاطميون
Noocyada
ومن الواضح أن الشخوص إلى عاصمة الخلافة الفاطمية هو المسعى الذي لا تنصرف عنه همة طامع في مناصب الدولة، فليس له مطمع في بغداد وليس له بين السلجوقيين مقام محمود، ولم يبق له إلا أمل واحد لا منصرف عنه، وهو بلوغ المنصب المرموق في عاصمة الخلافة ومرجع الدعوة والدعاة.
ولكنه لسوء حظه بلغ القاهرة وقد تحكم فيها رجل قوي الشكيمة
1
كبير المطامع يتولى القيادة والوزارة ولا يقنع بهما دون الإمارة والملك لو تمهد إليهما السبيل، ومن ثم زوج بنته للأمير المستعلي، ابن الخليفة، وأكره الخليفة أو زين له أن يختار المستعلي لولاية عهده، أملا في الملك إن استطاعه لنفسه أو في توطيد الملك لذريته من بعده.
ذلك هو أمير الجيوش بدر الجمالي الذي سبقت الإشارة إليه، وذلك هو الند الذي تحفز ابن الصباح لمصاولته ومداورته بعد وصوله إلى القاهرة، فاختار نزارا لولاية العهد واحتال جهده أن يحول بين المستعلي وعرش الخلافة، واستمد من أساس المذهب الإسماعيلي كل حجة يدعم بها ترشيح نزار للخلافة بعد أبيه، فزعم أنه مثل بين يدي الخليفة المستنصر، فوكل إليه الخليفة أن يدعو إليه وإلى ولي عهده بين الأمم الإسلامية. قال: فسألته ومن ولي العهد؟ فأشار إلى نزار.
تلك قصة تشبه قصة الولاية التي صارت إلى إسماعيل بن جعفر الصادق، وثبتت له بعد عدول أبيه عن ولايته وإسنادها لأخيه موسى، فإن الإسماعيليين يرفضون تبديل ولاية العهد؛ لأن الولاية بأمر الله، والله يتنزه عن البداء.
فلما أراد الحسن بن الصباح أن يثبت الولاية لنزار أقام لها أساسا كالأساس الذي قامت عليه الدعوة الإسماعيلية من مبدئها، وروى تلك القصة عن الخليفة المستنصر (والأرجح عند أناس من ثقات المؤرخين أن الخليفة لم يدعه إلى لقائه، بل أنزله منزل الكرامة في دار الضيافة، ثم أبقاه على أمل يتردد بين التقريب والإقصاء)، ولكن ابن الصباح قد طال عليه الانتظار وأحس الخطر من أمير الجيوش فنجا بحياته من مصر، ولما يصدق بالنجاة، وراح بعد الإفلات من الخطر ينشئ له دعوة جديدة في المذهب الإسماعيلي، وهي الدعوة إلى إمامة نزار.
وراح الحسن يطوف في بلاد الشام والعراق وفارس لينشر دعوته الجديدة حيث يأمن الرصد والمطاردة، ويبدو أن حوافز النفس الغلابة كانت في تلك الفترة على أشد ما تكون غلبة عليه، حرجا بما لقيه وضيقا بالمطمع الذي ينازعه ولا يعلم المخرج إليه، فقال يوما لأحد أصدقائه في أصفهان: لو أن معي صديقين أركن إليهما لانتزعت من هؤلاء السلاجقة عرشهم. فظن به صديقه الجنون وأوصى طباخه أن يتخير لضيفه ما لطف من الطعام وطاب غذاؤه، وأدرك الحسن أن صديقه قد خامره الشك في عقله فتركه ومضى لسبيله.
والظاهر من مساعيه وحركته في هذا التطواف أنه كان يبحث عن أستاذه القديم في الدعوة الإسماعيلية عبد الملك بن عطاش، وكان ابن عطاش قد ولاه الوكالة عنه ثم زين له السفر إلى القاهرة، وأطلعه قبل سفره إليها على أسماء بعض الدعاة المستترين الذين يلقاهم في طريقه، ولكنه لم يعرف من أستاذه مكامن الأموال المدخرة لبث الدعوة ولا عرف بطبيعة الحال كلمة السر التي تمكنه من أخذها وتكون علامة له عند المؤتمنين عليها ، فما زال الحسن يتعقب ابن عطاش حتى ظفر بلقائه ووثق من اطمئنانه إليه، ولعله استطلعه أسرار الودائع المخبوءة فأطلعه عليها.
وواضح أن تجارب الحسن في رحلاته بين بلاد السلاجقة وخلفاء بني العباس وخلفاء الدولة الفاطمية قد أيأسته من الوثبة إلى السلطان من طريق الولاية، ولكنها لم تيئسه من الوثبة إلى السلطان حيث كان لاستقرار هواه في طبعه، فطمحت به همته إلى معقل من المعاقل في أطراف الدولة ينفرد بحكمه ولا تمتد إليه فيه يد ملك أو خليفة. وتخير الأطراف فلم يجد منها ما هو أصلح لمطلبه من بلاد الديلم، فخرج إليها مع رهط من صحبه وأتباعه، وقيل: إنه تلقى من مصر في هذه الأثناء ولدا لنزار بايعه بالإمامة وعمل باسمه ودعا إليه، حتى انتهى به المطاف إلى قلعة يقيم فيها زعيم من العلويين، فاستضافه، فأنزله على الرحب والسعة وتغاضى عنه وهو ينشر الدعوة لمذهبه ويجمع الأنصار حوله، ثم أحكم أمره كما يقول ابن الأثير فطرد صاحب القلعة واستولى عليها وعلى القلاع التي تجاورها. وساعده على انتزاعها أنه خيل إلى أهل الإقليم أن مجموعة حروفها بحسب الجمل توافق تلك السنة الهجرية: سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة (483) وهي مجموعة حروف الألف واللام والهاء والألف والميم والواو والتاء التي تتألف منها كلمة الهاموت، وأتم الحيلة في أذهان القوم أنه فسرها لهم بمعنى النسر المعلم من «إله» بضم اللام بمعنى النسر في الفارسية و«اموهث»
Bog aan la aqoon