Faadumo Zahraa iyo Faatimiyyiin
فاطمة الزهراء والفاطميون
Noocyada
وقد أوشكت الزهراء أن تنشأ نشأة الطفل الوحيد في دار أبويها؛ لأنها لم تجد معها غير أخت واحدة ليست من سنها، وغير أخيها هند، وهو أكبر منها ومن أختها، ولم يكن من عادة الطفولة العربية أن يلعب البنات لعب الصبيان.
وأوشكت عزلة الطفلة الوحيدة أن تكبر معها؛ لأنها لم تكن تسمع عن ذكريات إخوتها الكبار إلا ما يحزن ويشغل؛ ماتوا صغارا وخلفوا في نفوس الأبوين لوعة كامنة وصبرا مريرا، أو تزوج من الأخوات الأحياء من تزوج وخطب من خطب، ثم لم تلبث الخطبة أن ردت إلى أختين؛ لأنهما خطبتا إلى ولدي أبي لهب، ثم أصبح أبو لهب عدوا للأبوين يمقتهما ويمقتانه، فانتهت خطبة الأختين الشقيقتين بهذا العداء.
جد من كل جانب تركن إليه، وانطواء على النفس لا تستغربه ولا تحب أن تتبدله، ملاذها في كل هذا حنان أبوين لا كالآباء: حنان جاد رصين، ونكاد نقول: بل حنان صابر حزين، يشملها به الأب الذي مات أبناؤه ولا عزاء له من بعدهم غير عبء النبوة الذي تأهب له زمنا ونهض به زمنا، ولا يزال يعاني من حمله ما تنوء به الجبال، وتشملها به الأم التي جاوزت الأربعين وبقيت لها في خدرها هذه البنية الدارجة صغرى ذريتها، والحنان على الصغرى من الذرية بعد فراق الذرية كلها بالموت أو بالرحلة حنان لعمر الحق صابر حزين.
ولقد نعمت الزهراء بهذا الحنان من قلبين كبيرين: حنان أحرى به أن يعلم الوقار ولا يعلم الخفة والمرح والانطلاق.
وتعلمت الزهراء في دار أبويها ما لم تتعلمه طفلة غيرها في مكة: آيات من القرآن وعادات يأباها من حولهم العابدون وغير العابدين.
ولكنها قد تعلمت كذلك كل ما يتعلمه غيرها من البنات في حاضرة الجزيرة العربية، فلا عجب أن نسمع عنها بعد ذلك أنها كانت تضمد جراح أبيها في غزوة أحد، وأنها كانت تقوم وحدها بصنيع بيتها ولا يعينها أحد في أكثر أيامها.
ويبدو لنا انطواء الزهراء على نفسها من الأحاديث المروية عنها، فلم تعرض قط لشيء غير شأنها وشأن بيتها، ولم تتحدث قط في غير ما تسأل عنه أو يلجئها إليه حادث لا ملجأ منه، فلا فضول هنالك في عمل ولا في مقال.
وسواء صح ما جاء في الأنباء عن محاجتها للصديق بالقرآن الكريم أو كان فيه مجال للمراجعة، فالصحيح الذي لا مراجعة فيه أنها سمعت القرآن الكريم من النبي وسمعته من علي، وأنها صلت به ووعت أحكام فرائضه، وأنها وعت كل ما وعته فتاة عربية أصيلة العرق والنسب، وزادت عليه ما لا يعيه غيرها من الأصيلات المعرقات.
لقد نشأت نشأة جد واعتكاف:
3
Bog aan la aqoon