بسم الله الرحمن الرحيم
[مقدمة المؤلف]
نسأل الله من الحمد ما يبلغ قضاء حقه (وإن حقه لعظيم). ومن الرشد ما يكتب سلامة نياتنا في الطريق إلى كرمه وإنه لكريم. ونشكر بسر القلب وجهر اللسان إحسانه إلينا بأنهما حادث وقديم. ونستزيده ونستديمه نعمه ولن يخيب على الشكر والرضا مستزيد ومستديم. ونستعين به على الدهر وقد فعل (فإذا الذي بيننا وبينه) عداوة ولي حميم. والحمد الله الذي بدأ بنعمه متطولا، وبمزيده متفضلا، وعلمنا شكر فضله الموفور، وقبل منا عفو خواطرنا المنزور. فلا يكلفنا من الشكر فوق الطاقة، ولا يطلع من النعم الطليعة إلا وراءها من المزيد الساقة. وقد وصف المشكور منه نفسه بأنه شاكر عليم. فرب غافل منا عن الشكر ما غفل عنه فضله العظيم. فلا عد منا ينتاب منتابه راجيا وداعيا، ومستيقظا وساهيا، وصامتا ومتقاضيا، لنا منه على كل حال من مواهب ربما عطل عنها لسان شكرنا، وضمير ذكرنا، وباتت سارية إلينا لا طيفا بل حقيقة على نوم فكرنا. ثم أن الله (تعالى) سامحنا في حقه من الشكر فقبله من عيينا وبليغا، ومتجرعنا ومسيغنا، فتارة يقبله ضميرا مجمجما. وتارة يحيط به قولا ومرة يعلمه نظرا من قلب ينفذ نور الذكر من ظلمات ضلوعه، ومرة يسمعه همسا من لسان يناجي ملكه بنغمات مسموعه، وكيف لا يعلم السر وأخفى من بعينه مسارحه، وكيف لا يعلم الغيب من عنده مفاتحه.
ونرغب إليه في أن يحمل عنا حق نبيه صلى الله عليه وعلى آله وسلم. فإنا لا نرضى بعفو استحقاقه من الوصف جهدنا، فنصل إليه صلاتنا ونؤدي إليه ودنا، ونعظم موقعه حين كان منه قاب قوسين أو أدنى. ونشكره على أن فتح علينا الدار التي كانت إلى الله طريقه ليلة أسرى به. فانبعث ﷺ سهما فكان كقاب قوسين في اقترابه. ما كذب الفؤاد، ولا خاب المراد، ولا صدق المراد. وأين من أخبر عنه إنه رآه بالأفق الأعلى ممن امتن عليه بأنك (بالوادي المقدس
طوى).
فمن كان في روض القرآن يسرح، فرق بين المنزلتين من (رب اشرح) و(ألم نشرح) ونصلي على رسول الله وأصحابه (ولاة الحق. وقضاة الخلق ورتقة الفتق، وغرر السبق، وألسنة الفرق، وفتحة الغرب والشرق.
منهم من رد ردة العرب عن إسلامها. ومنهم من استنزل أرجل
1 / 34