192

Fathul Qaadir

فتح القدير

Daabacaha

شركة مكتبة ومطبعة مصفى البابي الحلبي وأولاده بمصر وصَوّرتها دار الفكر

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٣٨٩ هـ = ١٩٧٠ م

Goobta Daabacaadda

لبنان

ثُمَّ يَجْتَذِبُهُ الْجِرْمُ إذَا جَفَّ، فَإِذَا زَالَ زَالَ مَا قَامَ بِهِ (وَفِي الرَّطْبِ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَغْسِلَهُ) لِأَنَّ الْمَسْحَ بِالْأَرْضِ يُكْثِرُهُ وَلَا يُطَهِّرُهُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ ﵀ أَنَّهُ إذَا مَسَحَهُ بِالْأَرْضِ حَتَّى لَمْ يَبْقَ أَثَرُ النَّجَاسَةِ يَطْهُرُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَإِطْلَاقِ مَا يُرْوَى وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا ﵏ (إنْ أَصَابَهُ بَوْلٌ فَيَبِسَ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَغْسِلَهُ) وَكَذَا كُلُّ مَا لَا جِرْمَ لَهُ كَالْخَمْرِ لِأَنَّ الْأَجْزَاءَ تَتَشَرَّبُ فِيهِ وَلَا جَاذِبَ يَجْذِبُهَا. وَقِيلَ مَا يَتَّصِلُ بِهِ مِنْ الرَّمْلِ وَالرَّمَادِ جِرْمٌ لَهُ وَالثَّوْبُ لَا يُجْزِي فِيهِ إلَّا الْغَسْلُ وَإِنْ يَبِسَ لِأَنَّ الثَّوْبَ لِتَخَلْخُلِهِ يَتَدَاخَلُهُ كَثِيرٌ مِنْ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ فَلَا يُخْرِجُهَا إلَّا الْغَسْلُ. وَالْمَنِيُّ نَجِسٌ يَجِبُ غَسْلُهُ إنْ كَانَ رَطْبًا (فَإِذَا جَفَّ عَلَى الثَّوْبِ أَجْزَأَ فِيهِ الْفَرْكُ) لِقَوْلِهِ ﵊ لِعَائِشَةَ «فَاغْسِلِيهِ إنْ كَانَ رَطْبًا وَافْرُكِيهِ إنْ ــ [فتح القدير] فِي الرَّقِيقِ وَقَيَّدَاهُ بِالْجِرْمِ وَالْجَفَافِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ عَلَى مَا فَرَّعُوا بَيْنَ كَوْنِ الْجِرْمِ مِنْ نَفْسِ النَّجَاسَةِ أَوْ مِنْ غَيْرِهَا بِأَنْ ابْتَلَّ الْخُفُّ بِخَمْرٍ فَمَشَى بِهِ عَلَى رَمْلٍ أَوْ رَمَادٍ فَاسْتَجْسَدَ فَمَسَحَهُ بِالْأَرْضِ حَتَّى تَنَاثَرَ طَهُرَ. رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ، إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالْجَفَافِ، وَعَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ لِعُمُومِ الْبَلْوَى، وَنَعْلَمُ أَنَّ الْحَدِيثَ يُفِيدُ طَهَارَتَهَا بِالدَّلْكِ مَعَ الرُّطُوبَةِ، إذْ مَا بَيْنَ الْمَسْجِدِ وَالْمَنْزِلِ لَيْسَ مَسَافَةً تَجِفُّ فِي مُدَّةِ قَطْعِهَا مَا أَصَابَ الْخُفَّ رَطْبًا، فَإِطْلَاقُ مَا يُرْوَى مُسَاعِدٌ بِالْمَعْنَى. وَأَمَّا مُخَالَفَتُهُ فِي الرَّقِيقِ فَقِيلَ هُوَ مُفَادٌ بِقَوْلِهِ طَهُورٌ: أَيْ مُزِيلٌ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ أَنَّ الْخُفَّ إذَا تَشَرَّبَ الْبَوْلَ لَا يُزِيلُهُ الْمَسْحُ فَإِطْلَاقُهُ مَصْرُوفٌ إلَى مَا يَقْبَلُ الْإِزَالَةَ بِالْمَسْحِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ إذْ مَعْنَى طَهُورٍ مُطَهِّرٌ، وَاعْتُبِرَ ذَلِكَ شَرْعًا بِالْمَسْحِ الْمُصَرَّحِ بِهِ فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مُقْتَصِرًا عَلَيْهِ، وَكَمَا لَا يُزِيلُ مَا تَشَرَّبَهُ مِنْ الرَّقِيقِ كَذَلِكَ لَا يُزِيلُ مَا تَشَرَّبَهُ مِنْ الْكَثِيفِ حَالَ الرُّطُوبَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى بِاعْتِرَافِ هَذَا الْمُجِيبِ. وَالْحَاصِلُ فِيهِ بَعْدَ إزَالَةِ الْجِرْمِ كَالْحَاصِلِ قَبْلَ الدَّلْكِ فِي الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ لَا يَشْرَبُ إلَّا مَا فِي اسْتِعْدَادِهِ قَبُولُهُ، وَقَدْ يُصِيبُهُ مِنْ الْكَثِيفَةِ الرَّطْبَةِ مِقْدَارٌ كَثِيرٌ يَشْرَبُ مِنْ رُطُوبَتِهِ مِقْدَارَ مَا يَشْرَبُهُ مِنْ بَعْضِ الرَّقِيقِ. (قَوْلُهُ لِقَوْلِهِ ﷺ لِعَائِشَةَ) الَّذِي فِي صَحِيحِ أَبِي عَوَانَةَ عَنْ «عَائِشَةَ قَالَتْ كُنْتُ أَفْرُكُ الْمَنِيَّ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إذَا كَانَ يَابِسًا، وَأَمْسَحُهُ أَوْ أَغْسِلُهُ، شَكَّ الْحُمَيْدِيُّ، إذَا كَانَ رَطْبًا» وَرَوَاهُ

1 / 196