33

Furtaadda Qadiir

فتح القدير

Daabacaha

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

فَأَتَى أَخَاهُ حُيَيَّ بْنَ أَخْطَبَ فِي رِجَالٍ مِنَ الْيَهُودِ فَقَالَ: تَعْلَمُونَ وَاللَّهِ لَقَدْ سَمِعْتُ محمدا يتلوا فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْهِ الم ذَلِكَ الْكِتَابُ، فَقَالَ: أَنْتَ سَمِعْتَهُ؟ فَقَالَ نَعَمْ، فَمَشَى حُيَيٌّ فِي أُولَئِكَ النَّفَرِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالُوا: يَا مُحَمَّدُ! أَلَمْ تَذْكُرْ أَنَّكَ تتلوا فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْكَ الم- ذلِكَ الْكِتابُ قَالَ: بَلَى، قَالُوا: أَجَاءَكَ بِهَذَا جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ. قَالُوا: لَقَدْ بَعَثَ اللَّهُ قَبْلَكَ الْأَنْبِيَاءَ مَا نَعْلُمُهُ بَيَّنَ لِنَبِيٍّ مِنْهُمْ مَا مُدَّةُ مُلْكِهِ وَمَا أَجَلُ أُمَّتِهِ غَيْرَكَ، فَقَالَ حُيَيُّ بْنُ أَخْطَبَ: وَأَقْبَلَ عَلَى مَنْ كَانَ مَعَهُ: الْأَلِفُ وَاحِدٌ وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً، أَفَتَدْخُلُونَ فِي دِينِ نَبِيٍّ إِنَّمَا مُدَّةُ مُلْكِهِ وَأَجَلُ أُمَّتِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سَنَةً؟ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ هَلْ مَعَ هَذَا غَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: المص، قَالَ: هَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ وَالْمِيمُ أربعون والصاد تسعون، فهذا إِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَةُ سَنَةٍ، هَلْ مَعَ هَذَا يَا مُحَمَّدُ غَيْرُهُ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَمَا ذلك؟ قَالَ- الر- قَالَ: هَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ الْأَلِفُ وَاحِدَةٌ وَاللَّامُ ثَلَاثُونَ وَالرَّاءُ مِائَتَانِ، هَذِهِ إِحْدَى وَثَلَاثُونَ سَنَةً وَمِائَتَانِ، فَهَلْ مَعَ هَذَا غَيْرُهُ؟ قَالَ نَعَمْ- المر- قَالَ: فَهَذِهِ أَثْقَلُ وَأَطْوَلُ الألف واحدة وثلاثون وَالْمِيمُ أَرْبَعُونَ وَالرَّاءُ مِائَتَانِ، فَهَذِهِ إِحْدَى وَسَبْعُونَ سنة ومائتان، ثم قال: فقد لُبِّسَ عَلَيْنَا أَمْرُكَ يَا مُحَمَّدُ حَتَّى مَا نَدْرِي قَلِيلًا أُعْطِيتَ أَمْ كَثِيرًا ثُمَّ قَامُوا، فَقَالَ أَبُو يَاسِرٍ لِأَخِيهِ حُيَيٍّ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْأَحْبَارِ: مَا يُدْرِيكُمْ لَعَلَّهُ قَدْ جُمِعَ هَذَا لِمُحَمَّدٍ كُلِّهِ: إِحْدَى وَسَبْعُونَ، وَإِحْدَى وَسِتُّونَ وَمِائَةٌ، وَإِحْدَى وَثَلَاثُونَ وَمِائَتَانِ، وَإِحْدَى وَسَبْعُونَ وَمِائَتَانِ، فَذَلِكَ سَبْعُمِائَةٍ وَأَرْبَعٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً، فَقَالُوا: لَقَدْ تَشَابَهَ عَلَيْنَا أَمْرُهُ، فَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ نَزَلَتْ فِيهِمْ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ «١»» فَانْظُرْ مَا بَلَغَتْ إِلَيْهِ أَفْهَامُهُمْ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ الْمُخْتَصِّ بِهِمْ مِنْ عَدَدِ الْحُرُوفِ مَعَ كَوْنِهِ لَيْسَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ فِي شَيْءٍ، وَتَأَمَّلْ أَيَّ مَوْضِعٍ أَحَقُّ بِالْبَيَانِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ مِنْ هَذَا الْمَوْضِعِ، فَإِنَّ هَؤُلَاءِ الْمَلَاعِينَ قَدْ جَعَلُوا مَا فَهِمُوهُ عِنْدَ سَمَاعِ الم- ذلِكَ الْكِتابُ مِنْ ذَلِكَ الْعَدَدِ مُوجِبًا لِلتَّثْبِيطِ عَنِ الْإِجَابَةِ لَهُ وَالدُّخُولِ فِي شَرِيعَتِهِ، فَلَوْ كَانَ لِذَلِكَ مَعْنًى يُعْقَلُ وَمَدْلُولٌ يُفْهَمُ، لَدَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَا ظَنُّوهُ بَادِئَ بَدْءٍ حَتَّى لَا يَتَأَثَّرَ عَنْهُ مَا جَاءُوا بِهِ مِنَ التَّشْكِيكِ عَلَى مَنْ مَعَهُمْ. فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ فِي هَذِهِ الْفَوَاتِحِ شَيْءٌ يَصْلُحُ لِلتَّمَسُّكِ بِهِ؟ قُلْتُ: لَا أَعْلَمُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ تَكَلَّمَ فِي شَيْءٍ مِنْ مَعَانِيهَا، بَلْ غَايَةُ مَا ثَبَتَ عَنْهُ هُوَ مُجَرَّدُ عَدَدِ حُرُوفِهَا، فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «من قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ: الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ» وَلَهُ طُرُقٌ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَالْبَزَّارُ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ عَنْ عوف بن مالك الأشجعي نَحْوَهُ مَرْفُوعًا. فَإِنْ قُلْتَ: هَلْ رُوِيَ عَنِ الصَّحَابَةِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ بِإِسْنَادٍ مُتَّصِلٍ بِقَائِلِهِ أَمْ لَيْسَ إِلَّا مَا تَقَدَّمَ مِنْ حِكَايَةِ الْقُرْطُبِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَلِيٍّ؟ قُلْتُ: قَدْ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: الم أحرف اشْتُقَّتْ مِنْ حُرُوفِ اسْمِ اللَّهِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ وَابْنُ مردويه

(١) . آل عمران: ٧.

1 / 37