Furtaadda Qadiir
فتح القدير
Daabacaha
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٤ هـ
Goobta Daabacaadda
بيروت
كُلُّ شَيْءٍ فِيهِ قِمَارٌ مِنْ نَرْدٍ أَوْ شِطْرَنْجٍ أَوْ غَيْرِهِمَا فَهُوَ الْمَيْسِرُ، حَتَّى لَعِبِ الصِّبْيَانِ بِالْجَوْزِ وَالْكِعَابِ، إِلَّا مَا أُبِيحَ مِنَ الرِّهَانِ فِي الْخَيْلِ وَالْقُرْعَةِ فِي إِفْرَازِ الْحُقُوقِ. وَقَالَ مَالِكٌ: الْمَيْسِرُ مَيْسِرَانِ: مَيْسِرُ اللَّهْوِ، وَمَيْسِرُ الْقِمَارِ، فَمِنْ مَيْسِرِ اللَّهْوِ: النَّرْدُ وَالشِّطْرَنْجُ وَالْمَلَاهِي كُلُّهَا، وَمَيْسِرُ الْقِمَارِ: مَا يَتَخَاطَرُ النَّاسُ عَلَيْهِ، وَكُلُّ مَا قُومِرَ بِهِ فَهُوَ مَيْسِرٌ، وَسَيَأْتِي الْبَحْثُ مُطُوَّلًا فِي هَذَا فِي سُورَةِ الْمَائِدَةِ عند وقوله: إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ. قَوْلُهُ:
قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ يَعْنِي: الْخَمْرَ وَالْمَيْسِرَ، فَإِثْمُ الْخَمْرِ: أَيْ: إِثْمُ تَعَاطِيهَا، يَنْشَأُ مِنْ فَسَادِ عَقْلِ مُسْتَعْمِلِهَا، فَيَصْدُرُ عَنْهُ مَا يَصْدُرُ عَنْ فَاسِدِ الْعَقْلِ مِنَ الْمُخَاصَمَةِ وَالْمُشَاتَمَةِ، وَقَوْلِ الْفُحْشِ وَالزُّورِ، وَتَعْطِيلِ الصَّلَوَاتِ، وَسَائِرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إِثْمُ الْمَيْسِرِ: أَيْ: إِثْمُ تعاطيه، فما ينشأ عن ذلك من الفقر وذهاب المال في غير طائل، والعداوة وإيحاش الصُّدُورِ. وَأَمَّا مَنَافِعُ الْخَمْرِ: فَرِبْحُ التِّجَارَةِ فِيهَا وَقِيلَ: مَا يَصْدُرُ عَنْهَا مِنَ الطَّرَبِ وَالنَّشَاطِ وَقُوَّةِ الْقَلْبِ وَثَبَاتِ الْجَنَانِ، وَإِصْلَاحِ الْمَعِدَةِ، وَقُوَّةِ الْبَاءَةِ وَقَدْ أَشَارَ شُعَرَاءُ الْعَرَبِ إِلَى شَيْءٍ من ذلك قال:
فإذا شَرِبْتُ فَإِنَّنِي ... رَبُّ الْخَوَرْنَقِ وَالسَّدِيرِ
وَإِذَا صَحَوْتُ فَإِنَّنِي ... رَبُّ الشُّوَيْهَةِ وَالْبَعِيرِ
وَقَالَ آخَرُ:
وَنَشْرَبُهَا فَتَتْرُكُنَا مُلُوكًا ... وَأُسْدًا مَا يُنَهْنِهُنَا اللِّقَاءُ
وَقَالَ مَنْ أَشَارَ إِلَى مَا فِيهَا مِنَ الْمَفَاسِدِ وَالْمَصَالِحِ:
رَأَيْتُ الْخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا ... خِصَالٌ تُفْسِدُ الرَّجُلَ الْحَلِيمَا
فَلَا- وَاللَّهِ- أَشْرَبُهَا صَحِيحَا ... وَلَا أَشْفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيمَا
وَلَا أُعْطِي بِهَا ثَمَنًا حَيَاتِي ... وَلَا أَدْعُو لَهَا أَبَدًا نَدِيمَا
وَمَنَافِعُ الْمَيْسِرِ: مَصِيرُ الشَّيْءِ إِلَى الْإِنْسَانِ بِغَيْرِ تَعَبٍ وَلَا كَدٍّ، وَمَا يَحْصُلُ مِنَ السُّرُورِ وَالْأَرْيَحِيَّةِ عِنْدَ أَنْ يَصِيرَ لَهُ مِنْهَا سَهْمٌ صَالِحٌ. وَسِهَامُ الْمَيْسِرِ أَحَدَ عَشَرَ، مِنْهَا سَبْعَةٌ لَهَا فَرُوضٌ عَلَى عَدَدِ مَا فِيهَا مِنَ الْحُظُوظِ. الْأَوَّلُ:
الْفَذُّ، بِفَتْحِ الْفَاءِ بَعْدَهَا مُعْجَمَةٌ، وَفِيهِ عَلَامَةٌ وَاحِدَةٌ، وَلَهُ نَصِيبٌ، وَعَلَيْهِ نَصِيبٌ. الثَّانِي: التَّوْأَمُ، بِفَتْحِ الْمُثَنَّاةِ الْفَوْقِيَّةِ وَسُكُونِ الْوَاوِ وَفَتْحِ الْهَمْزَةِ، وَفِيهِ عَلَامَتَانِ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ نَصِيبَانِ. الثَّالِثُ: الرَّقِيبُ، وَفِيهِ ثَلَاثُ عَلَامَاتٍ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَنْصِبَاءَ. الرَّابِعُ: الْحِلْسُ بِمُهْمَلَتَيْنِ، الْأُولَى مَكْسُورَةٌ وَاللَّامُ سَاكِنَةٌ، وَفِيهِ أَرْبَعُ عَلَامَاتٍ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ أَرْبَعَةُ أَنْصِبَاءَ. الْخَامِسُ: النَّافِرُ، بِالنُّونِ وَالْفَاءِ وَالْمُهْمَلَةِ، وَيُقَالُ: النَّافِسُ، بِالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ مَكَانَ الرَّاءِ، وَفِيهِ خَمْسُ عَلَامَاتٍ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ خَمْسَةُ أَنْصِبَاءَ. السَّادِسُ: الْمُسْبَلُ، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَسُكُونِ الْمُهْمِلَةِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ، وَفِيهِ سِتُّ عَلَامَاتٍ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ سِتَّةُ أَنْصِبَاءَ. السَّابِعُ. الْمُعَلَّى، بِضَمِّ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْمُهْمِلَةِ، وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْمَفْتُوحَةِ، وَفِيهِ سَبْعُ عَلَامَاتٍ، وَلَهُ وَعَلَيْهِ سَبْعَةُ أَنْصِبَاءَ، وَهُوَ أَكْثَرُ السِّهَامِ حَظًّا، وَأَعْلَاهَا قَدْرًا، فَجُمْلَةُ ذَلِكَ ثَمَانِيَةٌ وَعِشْرُونَ فَرْدًا. وَالْجَزُورُ تُجْعَلُ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ جُزْءًا، هَكَذَا قَالَ الأصمعي،
1 / 253