217

Furtaadda Qadiir

فتح القدير

Daabacaha

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

جَمِيعًا فِي بَرَاءَةٌ قَوْلُهُ: فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «١» وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً «٢» . وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ: فَإِنِ انْتَهَوْا قَالَ: فَإِنْ تَابُوا. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الدَّلَائِلِ، مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ يَقُولُ: شِرْكٌ بالله وَيَكُونَ الدِّينُ ويخلص التوحيد اللَّهِ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي الْآيَةِ، قَالَ: الشِّرْكُ. وَقَوْلُهُ: فَإِنِ انْتَهَوْا فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ قَالَ: لَا تُقَاتِلُوا إِلَّا مَنْ قَاتَلَكُمْ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ الرَّبِيعِ فِي قَوْلِهِ: وَيَكُونَ الدِّينُ لِلَّهِ يَقُولُ: حَتَّى لَا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ. وَأَخْرَجَ أَيْضًا عَنْ عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ: فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ قَالَ: هُمْ مَنْ أَبَى أَنْ يَقُولَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَأَخْرَجَ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنْ قتادة نحوه. [سورة البقرة (٢): آية ١٩٤] الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ (١٩٤) قَوْلُهُ: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ أَيْ: إِذَا قَاتَلُوكُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ وَهَتَكُوا حُرْمَتَهُ قَاتَلْتُمُوهُمْ فِي الشَّهْرِ الْحَرَامِ مُكَافَأَةً لَهُمْ وَمُجَازَاةً عَلَى فِعْلِهِمْ. وَالْحُرُماتُ: جَمْعُ حُرْمَةٍ، كَالظُّلُمَاتِ: جَمْعُ ظلمة وإنما جَمَعَ الْحُرُمَاتِ لِأَنَّهُ أَرَادَ الشَّهْرَ الْحَرَامَ، وَالْبَلَدَ الْحَرَامَ، وَحُرْمَةَ الْإِحْرَامِ، وَالْحُرْمَةُ: مَا مَنَعَ الشَّرْعُ مِنَ انْتِهَاكِهِ. وَالْقِصَاصُ: الْمُسَاوَاةُ، وَالْمَعْنَى: أَنَّ كُلَّ حُرْمَةٍ يَجْرِي فِيهَا الْقِصَاصُ، فَمَنْ هَتَكَ حُرْمَةً عَلَيْكُمْ فَلَكُمْ أَنْ تَهْتِكُوا حُرْمَةً عَلَيْهِ قِصَاصًا، قِيلَ: وَهَذَا كَانَ فِي أَوَّلِ الْإِسْلَامِ ثُمَّ نُسِخَ بِالْقِتَالِ وَقِيلَ: إِنَّهُ ثَابِتٌ بَيْنَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ ﷺ لَمْ يُنْسَخْ، وَيَجُوزُ لِمَنْ تُعُدِّيَ عَلَيْهِ فِي مَالٍ أَوْ بَدَنٍ أَنْ يَتَعَدَّى بِمِثْلِ مَا تُعُدِّيَ عَلَيْهِ، وَبِهَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ وَغَيْرُهُ. وَقَالَ آخَرُونَ: إِنَّ أُمُورَ الْقِصَاصِ مَقْصُورَةٌ عَلَى الْحُكَّامِ، وَهَكَذَا الْأَمْوَالُ، لِقَوْلِهِ ﷺ: «أَدِّ الْأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ» أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ، وَجُمْهُورُ الْمَالِكِيَّةِ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ، وَالْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَرْجَحُ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ الْمُنْذِرِ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، وَالْقُرْطُبِيُّ، وَحَكَاهُ الدَّاوُدِيُّ عَنْ مَالِكٍ، وَيُؤَيِّدُهُ: إِذْنُهُ ﷺ لِامْرَأَةِ أَبِي سُفْيَانَ، أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِهِ مَا يَكْفِيهَا وَوَلَدَهَا، وَهُوَ فِي الصَّحِيحِ، وَلَا أَصْرَحَ وَأَوْضَحَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي هَذِهِ الْآيَةِ: فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ «٣» وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ فِي حُكْمِ التَّأْكِيدِ لِلْجُمْلَةِ الْأُولَى، أعني: قوله: وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ وإنما الْمُكَافَأَةَ اعْتِدَاءً مُشَاكَلَةً، كَمَا تَقَدَّمَ. وَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَمَّا سَارَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مُعْتَمِرًا فِي سَنَةِ سِتٍّ مِنَ الْهِجْرَةِ، وَحَبَسَهُ الْمُشْرِكُونَ عَنِ الدُّخُولِ وَالْوُصُولِ إِلَى الْبَيْتِ، وَصَدُّوهُ بِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي ذِي الْقَعْدَةِ، وَهُوَ شَهْرٌ حَرَامٌ، قَاضَاهُمْ عَلَى الدُّخُولِ مِنْ قَابِلٍ، فَدَخَلَهَا فِي السَّنَةِ الْآتِيَةِ هُوَ وَمَنْ كَانَ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، وَأَقَصَّهُ اللَّهُ مِنْهُمْ، نَزَلَتْ فِي ذَلِكَ هَذِهِ الْآيَةُ: الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ. وَأَخْرَجَ ابْنُ جَرِيرٍ،

(١) . التوبة: ٩. (٢) . التوبة: ٣٦. (٣) . البقرة: ١٩٤.

1 / 221