204

Furtaadda Qadiir

فتح القدير

Daabacaha

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

وَاللَّامِ. وَقَالَ الْكِسَائِيُّ: هُوَ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ آخَرَ وَقِيلَ: إِنَّهُ جَمْعُ أُخْرَى، وَلَيْسَ فِي الْآيَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ التَّتَابُعِ فِي القضاء. وقوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ بِكَسْرِ الطَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ، وَأَصْلُهُ يُطَوِّقُونَهُ نُقِلَتِ الْكَسْرَةُ إِلَى الطَّاءِ، وَانْقَلَبَتِ الْوَاوُ يَاءً لِانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا. وَقَرَأَ حُمَيْدٌ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ إِعْلَالٍ. وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِفَتْحِ الطَّاءِ مُخَفَّفَةً وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ، أَيْ: يُكَلَّفُونَهُ. وَرَوَى ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُطِيقُونَهُ بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ وَالْيَاءِ مَفْتُوحَتَيْنِ، بِمَعْنَى: يُطِيقُونَهُ. وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَعَمْرِو بْنِ دِينَارٍ وَطَاوُسٍ أَنَّهُمْ قَرَءُوا «يَطَّيْقُونَهُ» بِفَتْحِ الْيَاءِ وَتَشْدِيدِ الطَّاءِ مَفْتُوحَةً. وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ فِدْيَةٌ طَعامُ مُضَافًا. وَقَرَءُوا أَيْضًا مَسَاكِينٍ وَقَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَعامُ مِسْكِينٍ وَهِيَ قِرَاءَةُ أَبِي عَمْرٍو وَعَاصِمٍ وَحَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ. وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، هَلْ هِيَ مُحْكَمَةٌ أَوْ مَنْسُوخَةٌ فَقِيلَ: إِنَّهَا مَنْسُوخَةٌ، وَإِنَّمَا كَانَتْ رُخْصَةً عِنْدَ ابْتِدَاءِ فَرْضِ الصِّيَامِ لِأَنَّهُ شَقَّ عَلَيْهِمْ، فَكَانَ مَنْ أَطْعَمَ كُلَّ يَوْمٍ مِسْكِينًا تَرَكَ الصَّوْمَ وَهُوَ يُطِيقُهُ، ثُمَّ نُسِخَ ذَلِكَ، وَهَذَا قَوْلُ الْجُمْهُورِ. وَرُوِيَ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهَا لَمْ تُنْسَخْ، وَأَنَّهَا رُخْصَةٌ لِلشُّيُوخِ وَالْعَجَائِزِ خَاصَّةً إِذَا كَانُوا لَا يُطِيقُونَ الصِّيَامَ إِلَّا بِمَشَقَّةٍ، وَهَذَا يُنَاسِبُ قِرَاءَةَ التَّشْدِيدِ، أَيْ: يُكَلَّفُونَهُ كَمَا مَرَّ. وَالنَّاسِخُ لِهَذِهِ الْآيَةِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ قَوْلُهُ تَعَالَى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ «١» . وَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِ الْفِدْيَةِ فَقِيلَ: كُلُّ يَوْمٍ صَاعٌ مِنْ غَيْرِ الْبُرِّ، وَنِصْفُ صَاعٍ مِنْهُ وَقِيلَ: مُدٌّ فَقَطْ. وَقَوْلُهُ: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ. قال ابن شهاب: معناه: من أَرَادَ الْإِطْعَامَ مَعَ الصَّوْمِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مَعْنَاهُ: مَنْ زَادَ فِي الْإِطْعَامِ عَلَى الْمُدِّ وَقِيلَ: مَنْ أَطْعَمَ مَعَ الْمِسْكِينِ مِسْكِينًا آخَرَ. وَقَرَأَ عيسى ابن عَمْرٍو، وَيَحْيَى بْنُ وَثَّابٍ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ «يَطَّوَّعْ» مُشَدَّدًا مَعَ جَزْمِ الْفِعْلِ عَلَى مَعْنَى يَتَطَوَّعْ، وَقَرَأَ الْبَاقُونَ بِتَخْفِيفِ الطَّاءِ عَلَى أَنَّهُ فِعْلٌ مَاضٍ. وَقَوْلُهُ: وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ مَعْنَاهُ: أَنَّ الصِّيَامَ خَيْرٌ لَهُمْ مِنَ الْإِفْطَارِ مَعَ الْفِدْيَةِ، وَكَانَ هَذَا قَبْلَ النَّسْخِ وَقِيلَ: مَعْنَاهُ: وَأَنْ تَصُومُوا فِي السَّفَرِ وَالْمَرَضِ غَيْرِ الشَّاقِّ. وَقَدْ أَخْرَجَ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَابْنُ جَرِيرٍ، وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ، وَالْبَيْهَقِيُّ فِي سُنَنِهِ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَأُحِيلَ الصِّيَامُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، فَذَكَرَ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ، فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَجَعَلَ يَصُومُ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، وَصَامَ عَاشُورَاءَ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَرَضَ عَلَيْهِ الصِّيَامَ وَأَنْزَلَ عليه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ إِلَى قَوْلِهِ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ فَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ، وَمَنْ شَاءَ أطعم مسكينا فأجزأ ذَلِكَ عَنْهُ، ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الْآيَةَ الْأُخْرَى فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فَأَثْبَتَ اللَّهُ صِيَامَهُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ، وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ، وَثَبَتَ الْإِطْعَامُ لِلْكَبِيرِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ الصِّيَامَ، ثُمَّ ذَكَرَ تَمَامَ الْحَدِيثِ. وَأَخْرَجَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ: كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَالَ: يَعْنِي بِذَلِكَ أَهْلَ الْكِتَابِ. وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ، وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ دَغْفَلِ بْنِ حَنْظَلَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «كَانَ عَلَى النَّصَارَى صَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ، فَمَرِضَ مَلِكُهُمْ فَقَالُوا: لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ لَنَزِيدَنَّ عَشْرًا، ثم كان آخر فأكل لحما فأوجع فاه فقال: لَئِنْ شَفَاهُ اللَّهُ لِيَزِيدَنَّ سَبْعَةً، ثُمَّ كَانَ عَلَيْهِمْ مَلِكٌ آخَرُ فَقَالَ: مَا نَدَعُ مِنْ هذه الثلاثة

(١) . البقرة: ١٨٥.

1 / 208