Furtaadda Qadiir
فتح القدير
Daabacaha
دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٤ هـ
Goobta Daabacaadda
بيروت
وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَابْنُ الْأَنْبَارِيِّ فِي الْمَصَاحِفِ، وَأَبُو ذَرٍّ الْهَرَوِيُّ فِي فَضَائِلِهِ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ:
أَنَّ رَجُلًا كَانَتْ مَعَهُ سُورَةٌ، فَقَامَ مِنَ اللَّيْلِ، فَقَامَ بِهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، وَقَامَ آخَرُ يَقْرَأُ بِهَا، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، وَقَامَ آخَرُ، فَلَمْ يَقْدِرْ عَلَيْهَا، فَأَصْبَحُوا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَاجْتَمَعُوا عِنْدَهُ فَأَخْبَرُوهُ، فَقَالَ:
«إِنَّهَا نُسِخَتِ الْبَارِحَةَ» وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ عَنْ أَنَسٍ: أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ فِي الَّذِينَ قُتِلُوا فِي بِئْرٍ مَعُونَةَ «أَنْ بَلِّغُوا قَوْمَنَا أَنَّ قَدْ لَقِينَا رَبَّنَا فَرَضِيَ عَنَّا وَأَرْضَانَا» ثُمَّ نُسِخَ، وَهَكَذَا ثَبَتَ فِي مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ عن أبي موسى: كُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا فِي الطُّولِ وَالشِّدَّةِ ببراءة فَأُنْسِيتُهَا، غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا: «لَوْ كَانَ لِابْنِ آدَمَ وَادِيَانِ مِنْ مَالٍ لَابْتَغَى وَادِيًا ثَالِثًا وَلَا يَمْلَأُ جَوْفَهُ إِلَّا التُّرَابُ» وَكُنَّا نَقْرَأُ سُورَةً نُشَبِّهُهَا بِإِحْدَى الْمُسَبِّحَاتِ، أَوَّلُهَا: «سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّماواتِ» فَأُنْسِينَاهَا، غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ فَتُكْتَبَ شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ فَتُسْأَلُوا عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَقَدْ رُوِيَ مِثْلُ هَذَا مِنْ طَرِيقِ جَمَاعَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ، وَمِنْهُ آيَةُ الرَّجْمِ كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ، وأحمد، وابن حبان عن عمر.
[سورة البقرة (٢): الآيات ١٠٨ الى ١١٠]
أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَتَبَدَّلِ الْكُفْرَ بِالْإِيمانِ فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ (١٠٨) وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩) وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (١١٠)
أَمْ هَذِهِ هِيَ الْمُنْقَطِعَةُ الَّتِي بِمَعْنَى بَلْ، أَيْ، بَلْ تُرِيدُونَ، وَفِي هَذَا تَوْبِيخٌ وَتَقْرِيعٌ، وَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ:
كَما سُئِلَ فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ نَعْتٌ لِمَصْدَرٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: سُؤَالًا مِثْلَ مَا سُئِلَ مُوسَى مِنْ قَبْلُ، حَيْثُ سَأَلُوهُ أَنْ يُرِيَهُمُ اللَّهُ جَهْرَةً، وَسَأَلُوا مُحَمَّدًا ﷺ أَنْ يَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ قَبِيلًا. وَقَوْلُهُ: سَواءَ هُوَ الْوَسَطُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ، قَالَهُ أَبُو عُبَيْدَةَ، وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: فِي سَواءِ الْجَحِيمِ «١» وَمِنْهُ قَوْلُ حَسَّانَ يَرْثِي النَّبِيَّ ﷺ:
يَا وَيْحَ أَصْحَابِ النَّبِيِّ وَرَهْطِهِ ... بَعْدَ الْمُغَيَّبِ فِي سَوَاءِ الْمُلْحَدِ
وَقَالَ الْفَرَّاءُ: السَّوَاءُ الْقَصْدُ، أَيْ: ذَهَبَ عَنْ قَصْدِ الطَّرِيقِ وَسَمْتِهِ، أَيْ: طَرِيقِ طَاعَةِ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ تَعَالَى:
وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ فِيهِ إِخْبَارُ الْمُسْلِمِينَ بِحِرْصِ الْيَهُودِ عَلَى فِتْنَتِهِمْ وَرَدِّهِمْ عَنِ الْإِسْلَامِ، وَالتَّشْكِيكِ عَلَيْهِمْ فِي دِينِهِمْ. وَقَوْلُهُ: لَوْ يَرُدُّونَكُمْ فِي مَحَلِّ نَصْبٍ عَلَى أَنَّهُ مَفْعُولٌ لِلْفِعْلِ الْمَذْكُورِ. وَقَوْلُهُ: مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ: وَدَّ أَيْ: وَدُّوا ذَلِكَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِقَوْلِهِ:
حَسَدًا أَيْ حَسَدًا نَاشِئًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ، وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: وَدَّ. وَالْعَفْوُ: تَرْكُ الْمُؤَاخَذَةِ بِالذَّنْبِ.
وَالصَّفْحُ: إِزَالَةُ أَثَرِهِ مِنَ النَّفْسِ، صَفَحْتُ عَنْ فُلَانٍ: إِذَا أَعْرَضْتَ عَنْ ذَنْبِهِ، وَقَدْ ضَرَبْتُ عَنْهُ صَفْحًا:
إِذَا أَعْرَضْتَ عَنْهُ، وَفِيهِ التَّرْغِيبُ فِي ذَلِكَ وَالْإِرْشَادُ إِلَيْهِ، وَقَدْ نُسِخَ ذَلِكَ بِالْأَمْرِ بِالْقِتَالِ، قاله أبو عبيدة.
(١) . الصافات: ٥٥.
1 / 149