128

Furtaadda Qadiir

فتح القدير

Daabacaha

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

كَانُوا مِنْ قَبْلُ يَطْلُبُونَ مِنَ اللَّهِ النَّصْرَ عَلَى أَعْدَائِهِمْ بِالنَّبِيِّ الْمَنْعُوتِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ الَّذِي يَجِدُونَ صِفَتَهُ عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَقِيلَ الِاسْتِفْتَاحُ هُنَا بِمَعْنَى الْفَتْحِ: أَيْ يُخْبِرُونَهُمْ بِأَنَّهُ سَيُبْعَثُ وَيُعَرِّفُونَهُمْ بِذَلِكَ، وَجَوَابُ لَمَّا فِي قَوْلِهِ: وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ قِيلَ: هُوَ قَوْلُهُ: فَلَمَّا جاءَهُمْ مَا عَرَفُوا وَمَا بَعْدَهُ وَقِيلَ: هُوَ مَحْذُوفٌ: أَيْ كَذَّبُوا أَوْ نَحْوَهُ، كَذَا قَالَ الْأَخْفَشُ وَالزَّجَّاجُ. وَقَالَ الْمُبَرِّدُ: إِنَّ جَوَابَ لَمَّا الأولى هو قوله كَفَرُوا وأعيدت فَلَمَّا الثَّانِيَةُ لِطُولِ الْكَلَامِ، وَاللَّامُ فِي الْكَافِرِينَ لِلْجِنْسِ. وَيَجُوزُ أَنَّ تَكُونَ لِلْعَهْدِ وَيَكُونَ هَذَا مِنْ وضع الظاهر موضع المضمر، والأوّل أظهر وما فِي قَوْلِهِ بِئْسَمَا مَوْصُولَةٌ أَوْ مَوْصُوفَةٌ أَيْ بِئْسَ الشَّيْءُ أَوْ شَيْئًا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ قَالَهُ سِيبَوَيْهِ، وَقَالَ الْأَخْفَشُ: مَا فِي مَوْضِعِ نَصْبٍ عَلَى التَّمْيِيزِ كَقَوْلِكَ: بِئْسَ رَجُلًا زَيْدٌ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: بِئْسَمَا بِجُمْلَتِهِ: شَيْءٌ وَاحِدٌ رُكِّبَ كحبذا. وقال الكسائي ما واشْتَرَوْا بِمَنْزِلَةِ اسْمٍ وَاحِدٍ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ، وَالتَّقْدِيرُ: بِئْسَ اشْتِرَاؤُهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا. وَقَوْلُهُ: أَنْ يَكْفُرُوا فِي مَوْضِعِ رَفْعٍ عَلَى الِابْتِدَاءِ عِنْدَ سِيبَوَيْهِ وَخَبَرُهُ مَا قَبْلُهُ. وَقَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ: إِنْ شِئْتَ كَانَ فِي مَوْضِعِ خَفْضٍ بَدَلًا مِنَ الْهَاءِ فِي بِهِ: أَيِ اشْتَرَوْا أَنْفُسَهُمْ بِأَنْ يَكْفُرُوا. وَقَالَ فِي الْكَشَّافِ: إِنَّ مَا نَكِرَةٌ مَنْصُوبَةٌ مُفَسِّرَةٌ لِفَاعِلِ بِئْسَ، بِمَعْنَى شَيْئًا اشْتَرَوْا بِهِ أنفسهم، والمخصوص بالذم أن يكفروا، واشتروا بِمَعْنَى بَاعُوا. وَقَوْلُهُ: بَغْيًا أَيْ حَسَدًا. قَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْبَغْيُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ قَدْ بَغَى الْجُرْحُ: إِذَا فَسَدَ، وَقِيلَ: أَصْلُهُ الطَّلَبُ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتِ الزَّانِيَةُ بَغِيًّا. وَهُوَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ: اشْتَرَوْا وَقَوْلُهُ: أَنْ يُنَزِّلَ عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ بَغْيًا أَيْ لِأَنْ يُنَزِّلَ. وَالْمَعْنَى: أَنَّهُمْ بَاعُوا أَنْفُسَهُمْ بِهَذَا الثَّمَنِ الْبَخْسِ حَسَدًا وَمُنَافَسَةً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَقَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَأَبُو عَمْرٍو وَيَعْقُوبُ وَابْنُ محيصن أن ينزل بالتخفيف. فَباؤُ أَيْ رَجَعُوا وَصَارُوا أَحِقَّاءَ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ وقد تقدّم معنى باؤوا وَمَعْنَى الْغَضَبِ قِيلَ: الْغَضَبُ الْأَوَّلُ لِعِبَادَتِهِمُ الْعِجْلَ، وَالثَّانِي لِكُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ، وَقِيلَ كُفْرِهِمْ بِعِيسَى ثُمَّ كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ وَقِيلَ كُفْرِهِمْ بِمُحَمَّدٍ ثُمَّ الْبَغْيِ عَلَيْهِ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ. وَالْمُهِينُ مَأْخُوذٌ مِنَ الْهَوَانِ قِيلَ: وَهُوَ مَا اقْتَضَى الْخُلُودَ فِي النَّارِ. وَقَوْلُهُ: بِما أَنْزَلَ اللَّهُ هُوَ الْقُرْآنُ وَقِيلَ: كُلُّ كِتَابٍ: أَيْ صَدِّقُوا بِالْقُرْآنِ، أَوْ صَدِّقُوا بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكُتُبِ قالُوا نُؤْمِنُ أَيْ نُصَدِّقُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا أَيِ التَّوْرَاةُ. وَقَوْلُهُ: وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ قَالَ الْفَرَّاءُ: بِمَا سِوَاهُ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: بِمَا بَعْدَهُ. قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: وَرَاءَ بِمَعْنَى خَلْفَ، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى قُدَّامَ وَهِيَ مِنَ الْأَضْدَادِ. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى: وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ أَيْ قُدَّامَهُمْ، وَهَذِهِ الْجُمْلَةُ أَعْنِي وَيَكْفُرُونَ: فِي مَحَلِّ النَّصْبِ عَلَى الْحَالِ: أَيْ قَالُوا نُؤْمِنُ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا حَالَ كَوْنِهِمْ كَافِرِينَ بِمَا وَرَاءَهُ مَعَ كَوْنِ هَذَا الَّذِي هُوَ وَرَاءَ مَا يُؤْمِنُونَ بِهِ هُوَ الْحَقُّ. وَقَوْلُهُ: مُصَدِّقًا حَالٌ مُؤَكَّدَةٌ وَهَذِهِ أَحْوَالٌ مُتَدَاخِلَةٌ أَعْنِي قَوْلَهُ: وَيَكْفُرُونَ وَقَوْلَهُ: وَهُوَ الْحَقُّ وَقَوْلَهُ: مُصَدِّقًا ثُمَّ اعْتَرَضَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ عَلَيْهِمْ لَمَّا قَالُوا: نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ الْمُشْتَمِلَةِ عَلَى الِاسْتِفْهَامِ الْمُفِيدِ لِلتَّوْبِيخِ: أَيْ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ فَكَيْفَ تَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ وَقَدْ نُهِيتُمْ عَنْ قَتْلِهِمْ فِيمَا أُنْزِلَ عَلَيْكُمْ؟ وَهَذَا الْخِطَابُ وَإِنْ كَانَ مَعَ الْحَاضِرِينَ مِنَ الْيَهُودِ فَالْمُرَادُ بِهِ أَسْلَافُهُمْ، وَلَكِنَّهُمْ لَمَّا كَانُوا يَرْضَوْنَ بِأَفْعَالِ سَلَفِهِمْ

1 / 132