104

Furtaadda Qadiir

فتح القدير

Daabacaha

دار ابن كثير،دار الكلم الطيب - دمشق

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٤ هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

وقال الحسن البصري: إنهم كانوا أهل كرّات وَأَبْصَالٍ وَأَعْدَاسٍ، فَنَزَعُوا إِلَى عِكْرِهِمْ: أَيْ أَصْلِهِمْ عِكْرِ السُّوءِ، وَاشْتَاقَتْ طِبَاعُهُمْ إِلَى مَا جَرَتْ عَلَيْهِ عَادَتُهُمْ فَقَالُوا: لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ وَالْمُرَادُ بِالطَّعَامِ الْوَاحِدِ هُوَ: الْمَنُّ وَالسَّلْوَى، وَهَمَّا وَإِنْ كَانَا طَعَامَيْنِ لَكِنْ لَمَّا كَانُوا يَأْكُلُونَ أَحَدَهُمَا بِالْآخَرِ جَعَلُوهُمَا طَعَامًا وَاحِدًا. وَقِيلَ: لِتَكَرُّرِهِمَا فِي كُلِّ يَوْمٍ وَعَدَمِ وُجُودِ غَيْرِهِمَا مَعَهُمَا وَلَا تَبْدِلَةَ بِهِمَا. وَمِنْ فِي قَوْلِهِ: مِمَّا تُنْبِتُ تُخْرِجُ. قَالَ الْأَخْفَشُ: زَائِدَةٌ، وَخَالَفَهُ سِيبَوَيْهِ لِكَوْنِهَا لَا تُزَادُ فِي الْكَلَامِ الْمُوجِبِ. قَالَ النَّحَّاسُ: وَإِنَّمَا دَعَا الْأَخْفَشُ إِلَى هَذَا لأنه لم يجد مفعولا ليخرج فَأَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ مَا مَفْعُولًا وَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الْمَفْعُولُ مَحْذُوفًا دَلَّ عَلَيْهِ سِيَاقُ الْكَلَامِ، أَيْ: تُخْرِجُ لَنَا مَأْكُولًا. وَقَوْلُهُ: مِنْ بَقْلِها بَدَلٌ مِنْ مَا بِإِعَادَةِ الْحَرْفِ، وَالْبَقْلُ: كُلُّ نَبَاتٍ لَيْسَ لَهُ سَاقٌ، وَالشَّجَرُ: مَا لَهُ سَاقٌ. قَالَ فِي الْكَشَّافِ: الْبَقْلُ مَا أَنْبَتَتْهُ الْأَرْضُ مِنَ الْخُضَرِ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَطَايِبُ الْبُقُولِ الَّتِي يَأْكُلُهَا النَّاسُ كَالنَّعْنَاعِ وَالْكَرَفْسِ وَالْكُرَّاثِ وَأَشْبَاهِهَا. انْتَهَى. وَالْقِثَّاءُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِهَا. وَالْأَوْلَى قِرَاءَةُ الْجُمْهُورِ. وَالثَّانِيَةُ قِرَاءَةُ يَحْيَى بْنِ وَثَّابٍ وَطَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ وَهُوَ مَعْرُوفٌ. وَالْفُومُ: قِيلَ هُوَ الثَّوْمُ، وَقَدْ قَرَأَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ بِالثَّاءِ. وَرُوِيَ نَحْوُ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقِيلَ: الْفُومُ: الْحِنْطَةُ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ، كَمَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ. وَقَدْ رَجَّحَ هَذَا ابْنُ النَّحَّاسِ. وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْفُومُ الْحِنْطَةُ، وَمِمَّنْ قَالَ بِهَذَا الزَّجَّاجُ والأخفش، وأنشد: قد كنت أحسبني كأغنى واجد ... نزل الْمَدِينَةَ عَنْ زِرَاعَةِ فُومِ وَقَالَ بِالْقَوْلِ الْأَوَّلِ الْكِسَائِيُّ وَالنَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ، وَمِنْهُ قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ: كَانَتْ مَنَازِلُهُمْ إِذْ ذَاكَ ظاهرة ... فيها الفراديس والفومان وَالْبَصَلُ أَيِ الثُّومُ، وَقَالَ حَسَّانُ: وَأَنْتُمْ أُنَاسٌ لِئَامُ الْأُصُولِ ... طَعَامُكُمُ الْفُومُ وَالْحَوْقَلُ يَعْنِي الثُّومَ وَالْبَصَلَ وَقِيلَ الْفُومُ: السُّنْبُلَةُ وَقِيلَ الْحِمَّصُ، وَقِيلَ الْفُومُ كُلُّ حَبٍّ يُخْبَزُ. وَالْعَدَسُ وَالْبَصَلُ مَعْرُوفَانِ. وَالِاسْتِبْدَالُ: وَضْعُ الشَّيْءِ مَوْضِعَ الْآخَرِ وأَدْنى قَالَ الزَّجَّاجُ: إِنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنَ الدُّنُوِّ: أَيِ الْقُرْبِ وَالْمُرَادُ: أَتَضَعُونَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ الَّتِي هِيَ دُونَ مَوْضِعِ الْمَنِّ وَالسَّلْوَى اللَّذَيْنِ هُمَا خَيْرٌ مِنْهَا مِنْ جِهَةِ الِاسْتِلْذَاذِ وَالْوُصُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِغَيْرِ وَاسِطَةِ أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ، وَالْحِلُّ الَّذِي لَا تَطْرُقُهُ الشُّبْهَةُ وَعَدَمُ الْكُلْفَةِ بِالسَّعْيِ لَهُ وَالتَّعَبِ فِي تَحْصِيلِهِ، وَقَوْلُهُ: اهْبِطُوا مِصْرًا أَيِ انْزِلُوا، وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَى الْهُبُوطِ. وَظَاهِرُ هَذَا أَنَّ اللَّهَ أَذِنَ لَهُمْ بِدُخُولِ مِصْرَ وَقِيلَ: إِنَّ الْأَمْرَ لِلتَّعْجِيزِ لِأَنَّهُمْ كَانُوا فِي التِّيهِ، فَهُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: كُونُوا حِجارَةً أَوْ حَدِيدًا «١»، وصرف مصر هنا مع اجتمع العلمية والتأنيث لأنه ثلاثي ساكن في الْوَسَطِ، وَهُوَ يَجُوزُ صَرْفُهُ مَعَ حُصُولِ السَّبَبَيْنِ، وَبِهِ قَالَ الْأَخْفَشُ وَالْكِسَائِيُّ. وَقَالَ الْخَلِيلُ وَسِيبَوَيْهِ: إِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَقَالَا: إِنَّهُ لَا عَلَمِيَّةَ هُنَا لِأَنَّهُ أَرَادَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ، وَلَمْ يُرِدِ الْمَدِينَةَ الْمَعْرُوفَةَ وَهُوَ خِلَافُ الظَّاهِرِ. وقرأ الحسن وأبان ابن تَغْلِبَ وَطَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ بِتَرْكِ التَّنْوِينِ، وَهُوَ كَذَلِكَ فِي مُصْحَفِ أُبَيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ. وَمَعْنَى ضرب الذلة

(١) . الإسراء: ٥٠.

1 / 108