158

Fath Mubin

الفتح المبين بشرح الأربعين

Daabacaha

دار المنهاج

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٨ هـ - ٢٠٠٨ م

Goobta Daabacaadda

جدة - المملكة العربية السعودية

Noocyada

أي: بأن ما قدره اللَّه في أزله لابد من وقوعه، وما لم يقدره يستحيل وقوعه، وبأنه تعالى قدر الخير والشر قبل خلق الخلق، وأن جميع الكائنات بقضائه وقدره وإرادته؛ لقوله تعالى: ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ﴾، ﴿وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾، ﴿إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ﴾ بنصب (كل) كما أجمع عليه السبعة، وحينئذٍ فقد نص على عموم الخلق؛ إذ تقديره: إنا خلقنا كل شيء خلقناه بقدر، وبرفعها يزول هذا المعنى (١)؛ إذ تقديره حينئذ: إنا كلُّ شيءٍ مخلوقٌ لنا بقدر، فتأمله. ﴿وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ﴾، ولإجماع السلف والخلف على صحة قول القائل: ما شاء اللَّه. . كان، وما لم يشأ. . لم يكن، ولخبر: "كل شيءٍ بقدر حتى العجز والكيس" (٢). والقضاء عند الأشعرية: إرادته الأزلية المتعلقة بالأشياء على ما هي عليه فيما لا يزال، والقدر: إيجاده إياها على قدرٍ مخصوصٍ وتقديرٍ معينٍ في ذواتها وأفعالها؛ أو القضاء: علمه أزلًا بالأشياء على ما هي عليه، والقدر: إيجاده إياها على ما يطابق العلم. وأنه يرحم من يشاء من خلقه فضلًا، ويعذب من يشاء منهم عدلًا، كل نعمةٍ منه فضلٌ، وكل نقمةٍ منه عدلٌ: ﴿لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ﴾. وأنه أعلم بطبائع خلقه منهم: ﴿هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ﴾ فما فعل فيهم. . فهو غير ملوم، ولا يطلعون على علمه (٣)، ولا على عدله. وأن له تكليفهم بما شاء من الأفعال مع تقدير أسباب منعهم منها، وهو المسمى:

(١) وقرأ به أبو السمال كما ذكر ابن عطية رحمه اللَّه تعالى في "المحرر الوجيز" (٥/ ٢٢١). (٢) أخرجه مسلم (٢٦٥٥)، وابن حبان (٦١٤٩)، والإمام أحمد (٢/ ١١٠) عن سيدنا عبد اللَّه بن عمر ﵄. وقوله: (حتى العَجْز والكيس) العجز: التقصير عما يجب فعله، والكَيْس -بفتح الكاف-: النشاط والحِذق وكمال العقل وشدة معرفة الأمور، وهما مجروران بـ (حتى) أو بعطفهما على (شيء)، أو مرفوعان عطفًا على (كل) أو على الابتداء، والخبر محذوف؛ أي: كائنان بقدر اللَّه. اهـ "مدابغي" (٣) قوله: (ولا يطلعون على علمه) عطف على قوله: (أعلم بطباع خلقه منهم) أو عطف على قوله: (فما فعل. . فهو غير ملوم). وفي بعض النسخ: (ولا مطعونٍ على عمله) بالجر عطفًا على (ملوم).

1 / 162