Furashadii Carabta ee Masar
فتح العرب لمصر
Noocyada
10
ولكن كرمه لم يكن فوضى؛ فإنه بعث من حوله ليجوسوا خلال المدينة، فيأتوه بخبر «سادته ومساعديه». فلما سألوه عما يعنيه بقوله أجاب قائلا: «أقصد من تسمونهم أنتم «الفقراء والمساكين»، وأسميهم أنا «السادة والمساعدين»؛ لأنهم في الحق يساعدوننا ويمنحوننا ملكوت السموات.» وعلى هذا كتبوا له صحيفة بأسماء الفقراء، فأجرى عليهم كل يوم رزقا، وبلغ عددهم 7500. فلما رأى «نيقتاس» أن البطريق تجري يده بالعطاء جريان البحر، نفس عليه ذلك، وجاءه يوما فقال: «إن الدولة محتاجة أشد الحاجة إلى المال، وإن ما عندك من المال يأتي إليك عن رضا لا يؤذي أحدا، فابعث بما عندك إلى بيت مال الدولة.» فقال له البطريق: «إن ما نقدمه لملك السموات يجب ألا نبذله لملك في الأرض، ولست بمعطيك شيئا عن رضا، ولكن خزانة الله تحت سريري هذا، وأنت وما تختار لنفسك.» فدعا «نيقتاس» بحراسه، وأمرهم أن يأخذوا المال من تحته، وفيما كانوا خارجين رأوا قوما يحملون في أيديهم أواني صغيرة كتب عليها «أحسن العسل»، وأخرى كتب عليها «عسل لم يدخن». فسألهم «نيقتاس» أن يعطوه واحدة منها لطعامه، فهمس القوم في أذن البطريق أن فيها ذهبا، فأرسل حنا آنية منها إلى «نيقتاس» مع رسول، وأرسل إليه أن لا يفتحها إلا في حضوره، ثم قال إن كل الأواني التي رآها وهو خارج لم تكن إلا مملوءة بالمال. فلم يسع «نيقتاس» مع هذا إلا أن ذهب إلى البطريق، ورد إليه كل ما أخذ منه من المال، وكذلك رد الآنية، ثم بعث إليه بمال آخر من عنده.
11
ومثل هذه القصص تظهر على الأقل ما كان لرئيس الدين بالإسكندرية من سلطان، وما كان لديه من موارد المال. وإنه لمن المستطرف أن نعلم كذلك أن الكنيسة كانت تملك أسطولا من السفن التجارية. وقيل إن إحدى تلك السفن ساقتها الريح عن طريقها، وكان عليها عشرون ألف مد
12
من القمح، فبلغت السفينة سواحل بريطانيا وكان بها قحط شديد، ثم عادت تحمل من هناك القصدير، فباعه الربان في «بنطابوليس». وجاء في موضع آخر أن جمعا من السفن يبلغ ثلاث عشرة سفينة عدا يحمل كل منها عشرة آلاف مد من القمح، ذهب كل ما فيها ضياعا في البحر الأدرياوي في أثناء عاصفة، وكانت كلها ملكا للكنيسة، وتحمل عدا القمح حمولة أخرى من الفضة والمنسوجات الدقيقة، وسوى ذلك من ثمين المتاع.
13
ولا يمكن أن يشك أحد في أن الكنيسة كان لها قسط من تجارة القمح العظيمة التي كانت رائجة بين الإسكندرية والقسطنطينية، وكان جستنيان قد أعاد لها نظامها ورواجها،
14
وكان للكنيسة فوق ربح هذه التجارة وفوق ما كان الناس يهبونها طائعين مختارين، أوقاف من أرض الزراعة تؤتي أموالا عظيمة؛ فليس من العجيب إذن أن نرى «حنا الرحوم» يدهش الناس بإنفاقه. وكان «أندرونيكوس» الذي صار بطريقا للقبط بعد «أنستاسيوس»، وأدرك عهد «حنا الرحوم» مدة أشهر، لا يقل عنه شهرة بثرائه وكثرة إحسانه.
Bog aan la aqoon