152

Furashadii Carabta ee Masar

فتح العرب لمصر

Noocyada

أقر الإمبراطور عهد الصلح. ولعل ذلك كان آخر ما أتاه في حكمه؛ إذ انتهى في ذلك الشهر عينه وهو نوفمبر. ويلوح لنا أن عمرو بن العاص كتب شروط ذلك الصلح وأفضى بها إلى أهل مصر، وكانت تلك الشروط تعدهم بالأمن على أنفسهم وأموالهم وذمتهم وكنائسهم وصلبهم، وبحمايتهم من أهل النوبة وسواهم من أعدائهم متى دفعوا الجزية.

8

ولكن المقاومة لم يخب لهبها، ولم يخذلها ما كان من تسليم الإسكندرية العظمى، ولا ما وعد به عمرو من الشروط الحسنة؛ فقد بقيت بعض البلاد في شمال مصر السفلى ترفع لواء الروم ولا ترضى بالتخلي عنه، مع أن فتح الإسكندرية كان قد قضى على الأمل كله في دولة الروم ، وأصبح بعدها من أشد الحماقة أن تصر طائفة على القتال وتأبى الدخول فيما دخل فيه سائر الناس من العهد؛ فكان لا بد للعرب من فتح تلك البلاد حتى يتم لهم الأمر، وكان عمرو قد فرغ مما يشغله، ويستطيع السير إليها في أي وقت شاء.

وكان عمرو في هذه الأثناء منصرفا إلى عمل آخر في بابليون؛ إذ عزم على أن يبني للمسلمين مدينة جديدة في السهل الذي يلي الحصن الروماني، بينه وبين جبل المقطم، وكان موضع عسكره. وقد روى البلاذري أن الزبير هو الذي اختط المدينة واتخذ فيها لنفسه دارا، وجعل فيها السلم الذي صعد عليه إلى سور الحصن، وبقي فيها ذلك السلم حتى احترق في حريق. وأما ياقوت فإنه يذكر أربعة نفر أمرهم عمرو أن يقوموا على اختطاط المدينة وتقسيمها

9

بين أحياء العرب وقبائلهم. ومهما يكن من الأمر فلا شك في أن الذين اختطوا المدينة الجديدة وبنوها كانوا من القبط؛ إذ لم يكن عند ذلك في العرب من له علم بذلك الفن ولا دراية به. ومن الجلي أن اسم الفسطاط الذي سميت به المدينة اسم أعجمي، وقد اختلف فيه مؤرخو العرب؛ فهم يقولون إجمالا إن معناه «الخيمة»

10

تتخذ من الأدم أو من الجلد، وكان عمرو يتخذ لنفسه خيمة منها، أو يقولون إن معناها الموضع حيث يجتمع الناس، وجاء في رواية أن كل مدينة فسطاط، وقد أورد ياقوت ستة أوزان لذلك اللفظ.

11

ويمكننا أن نقول إن علاقة ذلك الاسم بسرادق عمرو وبقصة اليمامة فيها شيء من الصحة؛ فإن لفظ «فساط» يرجع بنا إلى اللفظ البيزنطي، (28 ⋆ )

Bog aan la aqoon