137

Furashadii Carabta ee Masar

فتح العرب لمصر

Noocyada

30

ولعل الفرس قد بنوه ليستعينوا به على الحصار؛ فإنا نعرف أن دقلديانوس لم يستطع أن يحدث أثرا في حصون المدينة حتى بنى قلعة في شرقها،

31

ولكنه مع ذلك لم يستطع أن يقتحم المدينة وأسوارها المنيعة التي لا تكاد تنال إلا بجيش قوي ظل على الحصار زمنا طويلا، وكان في داخل المدينة خونة يساعدونه؛ فلا بد لنا من أن نقول إن المسلمين عجزوا عن أن يقوموا بعمل ما، وقنعوا بالوقوف والمرابطة في عسكرهم، ولم يكن عسكرهم حيث كان إلا مرصدا يرقبون فيه عدوهم. ولعمري إننا لفي شك من أن العرب أقاموا عسكرا في جوار الإسكندرية، فلعلهم لم يبعدوا به عن مدينة كريون.

مضى عند ذلك أكثر شهر يونيو ولم يكن قائد العرب بالرجل الذي يخادع نفسه عن المدينة، ويعلل نفسه باستطاعة فتحها عنوة؛ فقد علم حق العلم أنه لن يستطيع أخذها بالهجوم، وإنما كان واثقا من شيء واحد، وهو أن أصحابه إذا خرج لهم العدو وناجزهم القتال صبروا وثبتوا وغلبوه وإن كان أكثر منهم عددا، وعلى ذلك عول على أن يخلف في عسكره جيشا كافيا للرباط، وأن يسير هو مع من بقي من الناس فيضرب بهم في بلاد مصر السفلى، قبل أن يتعذر

32

على المسلمين السير بها؛ إذ كان فيض النيل يقترب أوانه. وكان الروم قد هاجروا من حول الإسكندرية، فصارت قصورهم البديعة ومنازلهم الجليلة فيما وراء أسوار المدينة فيئا للعرب، فغنموا منها غنيمة عظيمة، وهدموا كثيرا منها ليأخذوا خشبها وما فيها من حديد، وأرسلوا ذلك في سفن بالنيل إلى حصن «بابليون» كي يقيموا به جسرا ليعبروا عليه إلى مدينة لم يستطيعوا من قبل أن يعبروا إليها.

33

ولم تكن السرية التي سار بها عمرو بن العاص في مصر السفلى سرية كبيرة؛ فما كان يتوقع كيدا كبيرا ولا قتالا شديدا اللهم إلا عند البلاد المحصنة، ولم يكن في الوقت متسع لحصارها لو شاء، وكان عمرو إنما يريد القفول إلى «بابليون»، ولكنه أحب أن يعلم أهل مصر السفلى بقربه ويشعرهم شوكته. فسار إلى كريون، ومن ثم إلى دمنهور، ثم سار إلى الشرق يجوس خلال الإقليم الذي يعرف اليوم باسم الغربية حتى بلغ «سخا». وكان ذلك الموضع إلى شمالي المدينة الحديثة (طنطا) على نحو اثنين وعشرين ميلا منها، وقد ظل إلى ما بعد ذلك الوقت بزمن طويل، وهو قصبة الإقليم، وكان موضعا حصينا.

34

Bog aan la aqoon