Furitaanka Beyaanka
فتح البيان في مقاصد القرآن
Daabacaha
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
Goobta Daabacaadda
صَيدَا - بَيروت
Noocyada
Fasiraadda
التاسع عشر: والموفى والحادي والعشرون قوله (إياك نعبد) فإن تقديم الضمير معمولًا للفعل الذي بعده يفيد اختصاص العبادة به، ومن اختص بالعبادة فهو الحقيق بإخلاص توحيده، ثم مادة هذا الفعل أعني لفظ نعبد تفيد معنى آخر، ثم المجيء بنون الجماعة الموجبة لكون هذا الكلام صادرًا عن كل من تقوم به العبادة من العابدين كذلك، فكانت الدلالات في هذه الجملة ثلاثًا (الأولى) في (إياك) مع النظر إلى الفعل الواقع بعده (الثانية) ما تفيده مادة نعبد مع ملاحظة كونها واقعة لمن ذلك الضمير عبارة عنه وإشارة إليه (الثالثة) ما تفيده النون مع ملاحظة الأمرين المذكورين ولا تزاحم بين المقتضيات.
الثاني والعشرون والثالث والعشرون والرابع والعشرون: قوله (وإياك نستعين) فإن تقديم الضمير معمولًا لهذا الفعل له معنى، ثم مادة هذا الفعل لها معنى آخر فإن من كان لا يستعان بغيره لا ينبغي أن يكون له شريك، بل يجب إفراده بالعبادة وإخلاص توحيده إذ وجود من لا يستعان به كعدمه. وتقرير الكلام في الثلاث الدلالات كتقريره في إياك نعبد فلا نعيده. الخامس والعشرون والسادس والعشرون والسابع والعشرون: قوله: (اهدنا الصراط المستقيم) فإن طلب الهداية منه وحده باعتبار كون هذا الفعل واقعًا بعد الفعلين اللذين تقدم معمولهما فكان له حكمهما وإن كان قد تغير أسلوب الكلام في الجملة، حيث لم يقل نستهدي أو نطلب الهداية حتى يصح أن يكون ذلك الضمير المتقدم المنصوب معمولًا له تقديرًا، لكن مع بقاء المخاطبة وعدم الخروج عما يقتضيه لم يقطع النظر عن ذلك الضمير الواقع على تلك الصورة لتوسطه بين هذا الفعل؛ أعني اهدنا وبين من أسند اليه، ثم في ضمير الجماعة معنى يشير إلى استحقاقه سبحانه إخلاص التوحيد على الوجه الذي قدمناه في الفعلين السابقين. ثم في كون هذه الهداية هي هداية الصراط المستقيم التي هي الهداية بالحقيقة، ولا اعتبار بهداية إلى صراط لا استقامة فيه معنى ثالث يشير إلى ذلك المدلول.
1 / 59