142

Furitaanka Beyaanka

فتح البيان في مقاصد القرآن

Daabacaha

المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر

Goobta Daabacaadda

صَيدَا - بَيروت

Noocyada

Fasiraadda
إخوانهم لأنه من ولد إسماعيل الذي هو أخو إسحاق ﵈. فإن قيل قوله " من بينكم " يمنع من أن يكون المراد محمدًا ﷺ، لأنه لم يقم من بين بني إسرائيل. قلنا بل قد قام من بينهم لأنه ﵇ ظهر بالحجاز فبعث بمكة وهاجر إلى المدينة وبها تكامل أمره وقد كان حول المدينة بلاد اليهود كانوا كخيبر وبني قينقاع والنضير وغيرهم، وأيضًا فإن الحجاز يقارب الشام وجمهور اليهود كانوا إذ ذاك بالشام، فإذا قام محمد ﷺ بالحجاز فقد قام من بينهم وأيضًا فإنه إذا كان من اخوانهم فقد قام من بينهم فإنه ليس ببعيد منهم. والثالث: قال في الفصل العشرين من هذا السفر: أن الرب تعالى جاء في طور سيناء وطلع لنا من ساعير وظهر من جبال فاران وصف عن يمينه عنوات القديسين فمنحهم العز وحببهم إلى الشعوب ودعا لجميع قديسيه بالبركة. وجه الاستدلال أن جبل فاران وهو بالحجاز لأن في التوراة أن إسماعيل تعلم الرمي في برية فاران ومعلوم أنه إنما سكن بمكة. إذا ثبت هذا فنقول إن قوله " فمنحهم العز " لا يجوز أن يكون المراد إسماعيل ﵇ لأنه لم يحصل عقيب سكنى إسماعيل ﵇ هناك عز ولا اجتمع هناك ربوات القديسين، فوجب حمله على محمد ﷺ، قالت اليهود المراد أن النار لما ظهرت من طور سيناء ظهرت من ساعير نار أيضًا ومن جبل فاران أيضًا فانتشرت في هذه المواضع. قلنا هذا لا يصح لأن الله تعالى لو خلق نارًا في موضع فإنه لا يقال جاء الله في ذلك الموضع إلا إذا تبع تلك الواقعة وحي نزل في ذلك الموضع أو عقوبة وما أشبه ذلك، وعندكم أنه لم يتبع ظهور النار وحي ولا كلام إلا من طور سيناء، فما كان ينبغي إلا أن يقال جاء الله من طور سيناء، فأما أن يقال ظهر من ساعير ومن جبل فاران فلا يجوز وروده كما لا يقال جاء الله من الغمام إذا ظهر في الغمام احتراق ونيران كما يتفق ذلك في أيام الربيع.

1 / 144