قالت: «وكيف عدت من هناك ولم تره؟ قل. أفصح.»
قال: «لأن رؤيتي إياه لا تفيدني ولا تفيدك شيئا.»
قالت: «وكيف ذلك؟»
قال: «لأنه في حال لا تساعده على سماع كلام أحد غير عمه أوباس وهو يأمره أن يتفانى في سبيل رودريك.»
فلما سمعت ذلك تصاعد الدم إلى وجهها واقشعر بدنها، وصمتت برهة ثم قالت - وهي تبتسم استخفافا بما قاله سليمان ووثوقا بانصياع ألفونس لقولها دون سائر العالمين: «أظنه يسمع قولي، ولكن ما الذي يهمنا من هذا السماع الآن؟ وما علاقة ذلك بتوقفك عن مقابلته؟»
قال: «إن لذلك علاقة كبرى بحياتك وحياة مولاي الكونت يوليان، وحياة كل قوطي ينتمي إلى غيطشة، وكل من لا يرضى أن يعيش ذليلا بين يدي رودريك.»
فقالت: «وما معنى ذلك؟»
فوضح لها الحقائق باختصار إلى أن قال: «اعلمي يا مولاتي أن بقاءك وبقاء والدك وبقاء الأمير ألفونس نفسه يتوقف على انتصار العرب وخذلان رودريك، وذلك معلق بإرادة ألفونس، فإذا غادر معسكر رودريك وانضم إلى العرب هو ومن معه انخذل رودريك لا محالة، وخلصت البلاد من شره، ولكن يظهر أنه مطيع لعمه، وهذا يطلب إليه أن يناضل مع رودريك، فإذا أطاعه كانت العاقبة وبالا علينا جميعا، والعياذ بالله.»
فأعظمت فلورندا أمر ألفونس، ولكنها ظلت ترجو أن ينصاع لقولها، فعزمت على أن تكتب إليه كتابا شديد اللهجة تستجمع فيه كل عبارات التحريض والتوبيخ والاستعطاف، فقالت لسليمان: «سأكتب إليه كتابا فهل تحمله إليه؟»
قال: «نعم يا مولاتي، إني رهين هذه الخدمة.»
Bog aan la aqoon