قالت: «ومتى تعود إلينا؟»
قال: «أما الرجوع فلا يمكن تحديده، وسأبذل الجهد في الإسراع.» وبعد أن دبر كل شيء ودعهم ونزل وقد دنت الشمس من المغيب.
وكان سليمان كثير الاختلاط بالإسبان، يجيد لغتهم فضلا عن لغة القوط، فإذا كلم أحدا بإحدى اللغتين ظنوه من أهلها، هذا إلى أنه كان يعرف العربية والبربرية. ونظن أن القارئ أدرك مما تقدم أنه هو الرجل الذي جاء إلى الجمعية اليهودية في أستجة منذ بضعة أشهر وألفونس فيها وأنبأهم بما عزم عليه يوليان.
فلما فارق فلورندا عاد إلى الطريق التي جاء منها ونزل إلى معسكر الإسبان من الخلف؛ لئلا يشك أحد في قدومه من بعض القرى أو المدن، وما زال يتجسس وهو لا يتوقع أن يرى ألفونس هناك، فطال تجسسه ولم يعثر عليه، فسأل بعض العارفين، فدلوه عليه، فإذا هو في الطرف وراء معسكر رودريك، فجعل همه البحث عن يعقوب وعنده كل الأسرار. وكانت الشمس قد غابت قبل وصوله إلى المعسكر، فزعم أنه مار من هناك عرضا والجند في شغل عنه بالتأهب للحرب. ولما دنا من خيمة ألفونس وجد ببابها بعض الحراس، ولم ير يعقوب بينهم فمر من وراء الخيمة، وتظاهر أنه شرق بريقه، وتنحنح نحنحة خاصة ما لبث أن سمع جوابا عليها من الداخل، فعلم أن يعقوب هناك وأنه فطن له، فظل ماشيا في طريقه، ولم يمش قليلا حتى سمع نحنحة دلته على مكان يعقوب، والتقيا فسلما بعبارات خاصة يتعارفون بها، ثم قال سليمان: «أراكم لا تزالون هنا، ألم تنجح في إقناعه؟»
قال يعقوب: «كدت أنجح لولا أوباس وكتابه.»
فقال سليمان: «وأي أوباس تعني؟»
قال يعقوب: «الميتروبوليت أوباس عم ألفونس.»
قال سليمان: «ألم يكن ألفونس هو رجاؤنا في النجاة من هذه الدولة؟»
قال يعقوب: «بلى، هو بعينه ، وقد أطلعتكم على ما دبرناه منذ بضعة أشهر، ورأيتم ألفونس نفسه في تلك الجلسة يوم أريناه الدنانير في ذلك التابوت.»
فقال سليمان: «وقد رأيت من ألفونس اتحادا معنا على هذا الأمر، فما الذي حدث بعد ذلك؟»
Bog aan la aqoon