121

Fath Al-Andalus

فتح الأندلس

Noocyada

ففي يوم من أيام يوليو أفاقت فلورندا باكرا وهمت بالخروج من الدير للتجول في بساتينه على جاري العادة، وقبل أن تخرج جاءها أجيلا يدعوها إلى الرئيس، وقد مضت مدة لم يدعها إليه، فاختلج قلبها وأسرعت حتى أقبلت على غرفته فرأت عنده كهلا لا تدل سحنته على أنه من القوط أو من الرومان، ورأت عليه ملابس تذكرت أنها كانت ترى مثلها وهي عند والدها في سبتة، ولما دنت من الرجل رأت آثار السفر على وجهه بما غطى لحيته وشاربه من الغبار حتى حاجبيه وأهدابه فإن الغبار غلب على لونها جميعا، فتوسمت فلورندا من ذلك القادم خبرا جديدا، فدخلت وحيت فرحب بها الرئيس وقال: «هذا رسول من أبيك.»

فلما سمعت ذلك خفق قلبها وتوردت وجنتاها بغتة والتفتت إلى الرجل وقالت: «ما وراءك؟»

قال: «إني من أصدقاء أبيك ومحبيه والمطلعين على أسراره، وقد علمت بكتابك إليه وما ترتب على ذلك كله من الانقلاب الذي سيعود على رأس ... ألا تعرفينني يا فلورندا؟»

فلما سمعت فلورندا صوته وتأملت ملامحه تذكرت أنها شاهدته غير مرة في صباها، وأنه كان كثير التردد على بيت والدها في سبتة، فاستبطأها الرجل وقال: «ألا تعرفين سليمان التاجر؟»

فانتبهت للحال وقالت: «أنت سليمان؟ نعم أعرفك جيدا، وكنت تتردد وتحمل إلينا الهدايا والأحمال وتبتاع لنا الآنية والثياب. هل أنت آت من عند والدي؟ وأين هو الآن؟»

قال: «هو مع جند العرب على مقربة من وادي ليتة.»

قال ذلك واستأذنها بعينيه هل يقول كل شيء في حضرة الرئيس، فأجابته بالإشارة أن يفعل، فقال: «وقد أوغلوا في بوتيكة ولم يلقوا معارضة إلا قليلا، وقد عدهم أهل البلاد رحمة، ولا يلبثون أن يتملكوا البلاد كلها.»

فبغت الرئيس وقال: «وماذا جرى لجند الإسبان؟»

قال: «لم يلتق العرب برودريك بعد، ولكننا سمعنا بخروجه من طليطلة بجند كثير، وسيعود خاسرا فأبشرا.»

فظهرت البغتة على وجه الرئيس وقال: «هل تعتقد ذلك؟ وكيف تكون حالنا إذا صح قولك؟»

Bog aan la aqoon