ولما استكمل الشيخ -رحمه الله تعالى- الاستدلال على توحيد الألوهية بالآيات القرآنية، وشرع يستدل عليه بالأحاديث النبوية، فقال -رحمه الله تعالى-: عن ابن مسعود من أراد أن ينظر إلى وصية محمد التي عليها خاتمة فليقرأ قوله تعالى: {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفسا إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم # به لعلكم تذكرون وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون} . [الأنعام: 151،153] . ومعلوم بالضرورة شرعا وعقلا أنه إذا أراد أحد أن يسافر، أو كان مريضا، أن يوصي أهله، وولده، ومن تبعه، بما يصلحهم من أمر دينهم ودنياهم، فكيف سيد المرسلين المبعوث إلى الخلق أجمعين المخاطب {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس} . [المائدة: 67] . فكان هو صلى الله عليه وسلم أحق وأولى بالوصية لأمته بما يصلحهم في أمر دينهم الذي بعث إليهم لأجله، ولكن بحكمة أحكم الحاكمين حال بينه وبين وصيته صلى الله عليه وسلم ما حال.
خرج البخاري في صحيحه ثنا إبراهيم بن موسى نا هشام عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال: لما حضر النبي صلى الله عليه وسلم وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "هلم بدواة وقلم أو نحو ذلك أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده". قال عمر: إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه على الوجع، وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله. واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول: قربوا يكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما كثر اللغط والاختلاف عند النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قوموا عني". قال عبيد الله فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك من اختلافهم ولغطهم1.
Bogga 83