قال ابن القيم -رحمه الله-: "إذا نسي العبد ربه أوجب ذلك بأمر الله نسيانه نفسه، فحينئذ أعرض عن مصالحها، ونسيها، واشتغل عنها فهلكت، وفسدت، ولا بد لمن له زرع، وبستان، وماشية، وغير ذلك، مما صلاحه وفلاحه بتعاهده والقيام عليه فأهمله ونسيه واشتغل عنه بغيره وضيع مصالحه فإنه يفسد ولا بد، وهذا مع إمكان قيام غيره مقامه، فكيف الظن بفساد نفسه، وهلاكها، وشقائها، إذا أهملها ونسيها، واشتغل عن مصالحها، وعطل مراعاتها، وترك القيام، عليها بما يصلحها؟ فإذا خذ ما شئت من فساد، وهلاك، وخيبة، وحرمان، وهذا الذي صار أمره فرطا ففرط عليه أمره وضاعت مصالحه وأحاطت به أسباب القطوع، والخيبة، والهلاك ، ولا سبيل إلى الأمان من ذلك؛ إلا بدوام ذكر الله، واللهج به، وترك ما سواه، وأن لا يزال اللسان رطبا به، وأن ينزله منزلة حياته التي لا غناء له عنها ومنزلة غذائه الذي إذا فقده فسد جسمه وهلك وبمنزلة الماء عند شدة العطش وبمنزلة اللباس في الحر والبرد؛ وبمنزلة الكن في شدة السموم في الصيف، وشدة البرد في الشتاء. فمن نسي الله أنساه نفسه في الدنيا ونسيه في العذاب يوم القيامة. انتهى كلامه -رحمه الله تعالى-.
ولو أردنا أن نتتبع ما يناسب إبطال هذا الأمر الشنيع، واستقباح هذا المنكر الفظيع: أن يساوى مع الله تعالى غيره في العبادة، أو في كشف الضر، ورد الخير ما وسعه المقام، وتعجز عنه الألسن والأقلام {وإن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو وإن يردك بخير فلا راد لفضله} . [يونس] . والأمر الثاني الأمر الشرعي فهو الصريح على الألوهية مجملا ومفصلا أما المجمل فكقوله تعالى: {واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا} . [النساء: 36] . وقوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين} . [البينة: 5] . وقوله تعالى:
Bogga 72