قال ابن القيم قال غير واحد من السلف: قال محمد بن كعب: إن ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا هذه أسماء رجال صالحين كانوا بين آدم ونوح فلما ماتوا كان لهم أتباع يقتدون بهم ويأخذون بعدهم أخذهم في العبادة فجاءهم إبليس وقال لهم: لو صورتم صورهم كان أنشط لكم وأشوق إلى العبادة ففعلوا ثم نشأ قوم # بعدهم فقال إبليس: إن الذين من قبلكم كانوا يعبدونهم فعبدوهم فابتداء عبادة الأوثان كان ذلك، وسميت تلك الصور بهذه الأسماء لأنهم صوروها على صور أولئك القوم المسلمين. قلت: وموجب ذلك كله الغلو شيئا فشيئا حتى تعدى عن الحد، وآل الأمر إلى الشرك بالله فعكفوا على قبورهم وذلك بما صوروا صورهم ثم طال عليهم الأمد فغفلوا عن التوحيد وغلوا فيها فأشركوا فعبدت فلذلك نهى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم عن الغلو حذرا مما وقع قبل من الشرك بسببه. وعن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله" أخرجاه1. ولمسلم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إياكم والغلو، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو" 2.
بين صلى الله عليه وسلم أن الغلو هو داء العضال الذي في الأمم الماضية فأهلكوا به قال تعالى: {قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان أكثرهم مشركين} . [الروم: 42] . ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هلك المتنطعون" 3، قالها ثلاثا. ففسر بالذين يبالغون في الأمور.
Bogga 288