شرح الباب 17
باب في بيان ما يدل على أنه لا يهدي الهداية الجامعة للعلم والعمل والتعليم والصبر إلا الله من الكتاب والسنة
أما الكتاب فقول الله تعالى: {إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56] . قلت: فإذا كان الخطاب للرسول المبعوث المأمور بالتبليغ فكيف غيره؟ فإن قلت: كيف ذلك وكان شأنه ودأبه منذ بعث إلى أن مات هداية الناس إلى الصراط المستقيم؟ قلت: الهداية تتعدى بنفسه تارة وبإلى تارة وباللام تارة وكل له معنى معلوم، فمن المعدى بنفسه {اهدنا الصراط المستقيم} ، وقوله {ويهديك صراطا مستقيما} ، ومن المعدى بإلى قوله تعالى: {وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم} . [الشورى: 52] . وقوله: {إنني هداني ربي إلى صراط مستقيم} . [الأنعام: 161] . ومن المعدى باللام قوله تعالى عن أهل الجنة: {الحمد لله الذي هدانا} . [الأعراف: 43] . وقوله: {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم} . [الإسراء : 9] . المتعدي بإلى للإيصال إلى الغاية المطلوبة، وباللام لذلك مع إفادة التخصيص، وبنفسه للهداية التامة الجامعة للعلم والعمل والتعليم والثبات كما ذكر الله في سورة العصر: {والعصر إن الأنسان لفي خسر إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر} . [العصر: 1-3] .
قال ابن القيم: فمتى عدي بإلى تضمن الإيصال إلى الغاية المطلوبة.
Bogga 275