واعلم أن الكفر والشرك بينهما عموم وخصوص من وجه، بمعنى أن كل مشرك كافر، قال تعالى: {وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة إذا فريق منهم بربهم يشركون ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون} . [الروم: 33،34] .فبيضن الله أنهم إذا أشركوا كفروا ولا بد، وليس كل كافر مشركا، بل من الكفر أنواع لا يشرك صاحبها، وذلك خمسة أنواع كلها يخلد صاحبها في النار.
النوع الأول: كفر شك، بمعنى أن صاحبه متردد بين الحق والباطل، سواء كان مترددا في الجميع، أو بعض ما أنزل الله وثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يرجح جانب الوحيين على غيرهما، ولا للحق على الباطل.
الثاني: كفر إعراض، بمعنى أمه معرض عن الحق، مع عرفانه أنه الحق لعلة من العلل، ككفر أبي طالب، أقر بحقيقة ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم كما تشهد به أقواله، منها قوله خطابا للرسول صلى الله عليه وسلم:
وعرضت دينا قد عرفت بأنه ... من خير لأديان البرية دينا
لولا الملامة أو حذار مسبة ... لوجدتني سمحا بذاك مبينا
وقوله في لاميته:
لقد علم
وا أن ابننا لا مكذب ... لدينا ولا يعني بقول الأباطل
إلى أن قال:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل
إلى أن قال:
فو الله لولا أن أجيء بسبة ... تجر على أشياخنا في المحافل
Bogga 44