أما الكتاب فقوله تعالى: {لا تقم فيه أبدا} . [التوبة: 108] . أي في المسجد الذي اتخذ االمنافقون مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله، روي أن بني عمرو بن عوف لما بنو مسجد قباء سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم فيؤمهم فأتاهم فأمهم وصلى فيه وكان بالمدينة أبو عامر الراهب تنصر في الجاهلية، وما آمن بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبعد وقعة بدر التحق بقريش وحثهم على المحاربة وكان معه في أحد ثم ذهب إلى عظيم الروم وكتب إلى أعوانه من المنافقين يعدهم ويمنيهم أنه سيقدم بجيش لمحاربة الإسلام وأمرهم ببناء مسجد له فبنوا مسجد الضرار إلى جنب مسجد قباء إرصادا لرجوعه من عند عظيم الروم فلما أتموا بناءه أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رجع من تبوك وقالوا: أقمنا مسجدا للضعفاء وذوي العلة والمطيرة نلتمس تصلي فيه وتدعو بالبركة فنوى أن يأتيهم فنزلت في تكذيبهم الآيات، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهدمه فهدموه وأحرقوه بأمره صلى الله عليه وسلم2، قلت: إذا كان هذا حكم مسجد بني ضرارا # وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله باطنا وفي الظاهر إرادة الصلاة والطاعة فيه حتى إنه نوى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم ويصلي فيه فنهى الله عن قيامه فيه للصلاة فكيف بمواضع تبنى لعبادة غير الله وهتك محارم الله ومعاصي الله؟ فهذه المواضع أولى بالهدم والحرق نقلا وعقلا وقد تقدم، قال في ذلك ابن القيم -رحمه الله-: فإن قلت: ما استدل به من قوله تعالى: {لا تقم فيه أبدا} . [التوبة: 108] .على عدم الذبح بمكان يذبح فيه لغير الله؟ قلت: لأن الله ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي فيه ومعلوم بالضرورة أن الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي لله وحده لا شريك له ومع ذلك نهي عن الصلاة فيه، وبعدما فعلوا فيه ضررا ولا كفرا ولا تفريقا بل مجرد أن أوجب النهي عن الله بالقيام والصلاة فيه، فكيف بكمان فعل فيه الشرك والكفر؟ فهو أولى بالنهي عن الطاعة فظهر وجه الاستدلال بالآية لما بوب لأجله الباب.
وأما السنة وعن ثابت بن الضحاك1 قال: نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة2 بضم الباء الموحدة من أسفل موضع يقول فيه وضاح اليمن:
أيا نخلتي وادي بوانة حبذا ... إذا نام حراس النخيل جناكما
Bogga 226