Fath Allah Hamid
فتح الله الحميد المجيد في شرح كتاب التوحيد
Noocyada
وأما ما يدل على أن شهادة أن لا إله إلا الله أحسن الأقوال وألزم من كل عمل وقبل كل عمل من السنة ما ذكر عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن داعيا إلى الله قال: "إنك تأتي قوما من أهل الكتاب" أوتوا العلم فيعلمون أصل الأديان وفروعها ويعلمون أن الأصل مقدم في الدعوة إلى الله وأن كل نبي أول ما يدعو قومه إلى التوحيد "فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله" وفي رواية "إلى أن يوحدوا الله" قلت: فالروايتان دلتا على أن شهادة أن لا إله إلا الله وأن يوحدوا الله لفظان مترادفان بمعنى واحد وهو الإقبال على الله بالقلب والقالب وترك ما سواه، وهذا هو الأهم قبل كل أمر، ومعلوم بالضرورة أن ما يتصور الفرع إلا بعد تصور الأصل ووجوده وتمكنه ولا يصلح الفرع إلا بعد صلاح الأصل، أما ترى أن الشجرة ليست تتفرع إلا بعد تمكن العروق التي هي الأصل فيها والأساس لها، قال تعالى: {مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء} . [إبراهيم: 24] . وقد مر الكلام عليها وقد ذكر الله تعالى ثبوت الأصل قبل ارتفاع الفرع إلى السماء تنبيها على ذلك "فإن هم أطاعوك لذلك" وكفروا بما # يعبد من دون الله فحينئذ "أعلمهم" بكسر اللام من باب الأفعال أعلم يعلم كأكرم يكرم "أن الله افترض عليهم خمس صلوات" بشروطها وأركانها وواجباتها "في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك" وأقاموا الصلاة الشرعية "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة" في أربعة أصناف من المال السائمة من بهيمة الأنعام والخارج من الأرض والأثمان والعروض "تؤخذ من أغنيائهم" بشروط خمسة: الإسلام والحرية وملك نصاب، وتمام الملك ومضي الحول "فترد على فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك" وأدوا الزكاة المشروعة "فاقبل منهم وإياك وكرائم أموالهم" في أخذ الزكاة بل توسط في الأمر فإن خير الأمور أوسطها "واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب" أخرجاه أي البخاري ومسلم في صحيحهما1 ولهما عن سهل بسن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: "لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه" 2.
Bogga 181