فقلتَ مجيبًا ليس يُسعِدُنِي سِوى … نجيِّ الحشَا والدَّمعُ يَنهلُ سَاجِمَا (^١)
إلى الله أشْكُو وِحْدَتي في مصَائِبي … وهذا زمانُ الصَّبْرِ لو كنتَ حَازِمَا
وكمْ زَفْرةٍ تحتَ الضُّلُوعِ يَهِيجُهَا … حكيمٌ يَبِيعُ العلمَ بِالجَور حاكِما
وكان جنابُ العِلمِ يَسْمُو بِأهلهِ … إلى طيبِ أنفاسِ الحياةِ نَوَاسِمَا
يَرُدُّونَ مَنْ دَرتْ لهُ زهرةُ الدُّنيا … إلى نُجْعةِ الأخْرَى فيرتادُ حَائِمَا (^٢)
نَعتْ لهمْ هِمَّاتُهم شَهوَاتِهم … فَليسَ لهمْ إلا رضا اللهِ سَائِمَا
بِهم زانتْ الأمجادُ نظمَ عُقودِهَا … وعمت نجودًا بالحلُي وتَهائِما (^٣)
/ تَفَاخَرَ أعناقُ الملوكِ بِذِلِّهَا … لهم وترَى الإقبالَ منهم موَاسِما
وكانوا عطايَا بالقناعةِ غُنَّمَا … فعادوا رَزَايَا بالقُنُوعِ مَغَارِمَا
سَرَتْ عنهم الأطماعُ كُلَّ صيانةٍ … فما سرتِ الركبانُ إلا لَوائِما
وجَلَّتْ خطوبُ القومِ في رُحضَائِهم … فجلَّتْ من الأهواءِ زرقا أرَاقِما (^٤)
وكيفَ تَنَاسَوْا من فِعالِ سَراتِهم … مخافةَ يومِ العَرْضِ يحصي الجَرَائِما (^٥)
وأُلفتُهم في نُصرةِ الحقِّ بينهم … مودتُهم في الله تُحْيي المَكَارِما
ورَحمتهم كُلَّ الوَرى وجَنَابُهم … عَلَى مَابِهِم حَتَّى يَقُوموا الرَّوَائِما (^٦)
وتحت ذيولِ الليلِ تجري دمُوعُهم … تذوبُ عَلَى نَارِ القُلوبِ تزاحُمَا
(^١) سائلًا.
(^٢) النجعة: طلب الكلأ من موضعه. مختار الصحاح (نجع) ص/ ٦٤٧.
(^٣) أي شملت بالحلي نجدًا وتهامة.
(^٤) الحية التي فيها سواد وبياض. مختار الصحاح (رقم) ص/ ٢٥٣.
(^٥) السراة: أشراف الناس.
(^٦) العطف والحنان