قال ابن بطال: (يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سنة، ويحتمل أن يكون ليتدبره ويتفهمه، وذلك أن المستمع أقوى على التدبر، ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها، وهذا بخلاف قراءته هو ﷺ على أُبَيّ بن كعب لما تقدم في المناقب وغيرها (١) فإنه أراد أن يعلمه كيفية أداء القراءة ومخارج الحروف ونحو ذلك (٢).
وعن ابن مسعود قال: دخل رسول الله ﷺ المسجد وهو بين أبي بكر وعمر وإذا ابن مسعود يصلي وإذا هو يقرأ النساء فانتهى إلي رأس المائة فجعل ابن مسعود يدعو وهو قائم يصلي. فقال النبي ﷺ: " اسأل تعطه، اسأل تعطه، ثم قال: مَنْ سَرَّه أن يقرأ القرآن غضًا كما أُنْزِل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد "، فلما أصبح غدا إليه أبو بكر ﵁ ليبشره، وقال له: ما سألت الله البارحة؟ قال: قلت: اللهم إني أسألك إيمانًا لا يرتد، ونعيمًا لاينفد، ومرافقة نبينا محمد ﷺ في أعلى جنة الخلد. ثم جاء عمر ﵁ فقيل له: إن أبا بكر قد سبقك، قال: يرحم الله أبا بكر ما سبقته إلى خير قط إلا سبقني إليه (٣).