واحدة منها كانت فيه خصلةٌ من النفاق حتى يدَع هذه الخصلة، وهذا من كمال بيانه ﷺ؛ حيث يذكر العدد أوَّلًا، ثم يأتي بتفصيل المعدود؛ لِمَا في ذلك من حفز السامع إلى الاستعداد والتهيؤ لوعي ما سيُلقى عليه من هذه الخصال، وليطالب نفسَه بالمعدود، فإن لم يُطابق علم أنَّه فاته شيء.
٢ الخصلة الأولى الكذب في الحديث، وذلك أن يحدِّث غيرَه بحديث هو كاذب فيه، فيخبر بالشيء على غير حقيقته، وفي ذلك إساءةُ صاحب الحديث إلى نفسه؛ لاتِّصافه بهذا الخُلق الذميم، وإساءةٌ إلى مَن يحدِّثه بإيهامه أنَّه صادق في حديثه معه، وقد قال ﷺ: "عليكم بالصِّدق؛ فإنَّ الصِّدقَ يهدي إلى البر، وإنَّ البرَّ يهدي إلى الجنَّة، وما يزال الرَّجل يصدق ويتحرَّى الصِّدقَ حتى يُكتب عند الله صديقًا، وإيَّاكم والكذب؛ فإنَّ الكذبَ يهدي إلى الفجور، وإنَّ الفجورَ يهدي إلى النار، وما يزال الرَّجل يكذب ويتحرَّى الكذب حتى يُكتب عند الله كذَّابًا" رواه مسلم (٢٦٠٧) .
الخصلةُ الثانية: إخلاف الوعد، وذلك بأن يَعِدَ عِدةً وفي نيَّته ألاَّ يفي بها، أمَّا إذا وعد وهو عازمٌ على الوفاء بالوعد، فطرأ له ما يَمنعه من الوفاء فهو معذور، وقد روى أبو داود (٤٩٩١) عن عبد الله بن عامر أنَّه قال: "دعتني أمِّي يومًا ورسول الله ﷺ قاعد في بيتنا، فقالت: ها، تعال أعطيك، فقال لها رسول الله ﷺ: وما أردتِ أن تعطيه؟ قالت: أعطيه تمرًا، فقال لها رسول الله ﷺ: أمَا إنَّك لو لم تعطه شيئًا كُتبت عليك كذبة". انظر: الصحيحة للألباني (٧٤٨) .