126

Fath al-Qadeer Sharh al-Hidayah

فتح القدير شرح الهداية

Daabacaha

مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1389 AH

Goobta Daabacaadda

مصر

أَوْ جَعَلَ طَهُورًا فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ وَالْمَاءُ طَهُورٌ بِنَفْسِهِ عَلَى مَا مَرَّ
ــ
[فتح القدير]
الْمَقْصُودُ فِي النَّصِّ الْخِطَابُ بِقَصْدِ الصَّعِيدِ فَيَمْسَحُ بِهِ الْعُضْوَيْنِ وَإِلَّا لَكَانَتْ النِّيَّةُ الْمُعْتَبَرَةُ تِلْكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ لَوْ قَصَدَهُ لِلْمَسْحِ لَمْ تَكُنْ الْمُعْتَبَرَةُ فَضْلًا عَمَّا هُوَ مَدْلُولُ النَّصِّ مِنْ أَنْ يَقْصِدَهُ فَيُرَتِّبَ عَلَى قَصْدِهِ ذَلِكَ الْمَسْحَ، وَإِنَّمَا الْمَقْصُودُ أَنَّ لَفْظَ التَّيَمُّمِ وَهُوَ الِاسْمُ الشَّرْعِيُّ يُنْبِئُ عَنْ الْقَصْدِ، وَالْأَصْلُ أَنْ يُعْتَبَرَ فِي الْأَسْمَاءِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُنْبِئُ عَنْهُ مِنْ الْمَعَانِي عَلَى مَا عُرِفَ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّجْنِيسِ: النِّيَّةُ الْمَشْرُوطَةُ هِيَ نِيَّةُ التَّطْهِيرِ هُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى.
وَمَا زَادَهُ غَيْرُهُ مِنْ نِيَّةِ اسْتِبَاحَةِ الصَّلَاةِ لَا يُنَافِيه إذْ يَتَضَمَّنُ نِيَّةَ التَّطْهِيرِ، وَصَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ لِدُخُولِ الْمَسْجِدِ أَوْ لِلْقِرَاءَةِ وَلَوْ مِنْ الْمُصْحَفِ أَوْ مَسَّهُ أَوْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ أَوْ دَفْنِ الْمَيِّتِ أَوْ الْأَذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ أَوْ السَّلَامِ أَوْ رَدِّهِ أَوْ الْإِسْلَامِ لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِذَلِكَ التَّيَمُّمِ عِنْدَ عَامَّةِ الْمَشَايِخِ إلَّا مَنْ شَذَّ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ سَعِيدٍ الْبَلْخِيُّ مَعَ وُجُودِ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ فِي ضِمْنِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ فِي الْحَاصِلِ نَوَى التَّيَمُّمَ لِكَذَا، فَعَلِمْنَا أَنَّ نِيَّةَ نَفْسِ الْفِعْلِ لَيْسَتْ بِمُعْتَبَرَةٍ بَلْ أَنْ يَنْوِيَ بِهِ الْمَقْصُودَ مِنْ الطَّهَارَةِ وَلِلصَّلَاةِ وَلَوْ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ وَسَجْدَةَ التِّلَاوَةِ. نَعَمْ رُوِيَ فِي النَّوَادِرِ: لَوْ مَسَحَ وَجْهَهُ وَذِرَاعَيْهِ يَنْوِي التَّيَمُّمَ جَازَ بِهِ الصَّلَاةُ.
وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِيمَنْ تَيَمَّمَ لِرَدِّ السَّلَامِ يَجُوزُ، فَعَلَى هَاتَيْنِ تُعْتَبَرُ مُجَرَّدُ نِيَّةِ التَّيَمُّمِ لَكِنَّهُ غَيْرُ الظَّاهِرِ مِنْ الْمَذْهَبِ، وَلَوْ تَيَمَّمَ يُرِيدُ بِهِ تَعْلِيمَ الْغَيْرِ دُونَ الصَّلَاةِ لَا يَجُوزُ عِنْدَ الثَّلَاثَةِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّمَا أَنْبَأَ عَنْ قَصْدٍ هُوَ غَيْرُ الْمُعْتَبَرِ نِيَّةً فَلَا يَكُونُ النَّصُّ بِذَلِكَ مُوجِبًا لِلنِّيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ، أَلَا يَرَى أَنَّ قَوْله تَعَالَى ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا﴾ [المائدة: ٦] يُنَبِّئُ عَنْ الْإِرَادَةِ حَتَّى اسْتَدَلَّ بِهِ مَنْ شَرَطَ النِّيَّةِ لِلْوُضُوءِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ التَّقْدِيرَ إذَا أَرَدْتُمْ الْقِيَامَ لِلصَّلَاةِ وَأَنْتُمْ مُحْدِثُونَ اتِّفَاقًا وَالْغَسْلُ وَقَعَ جَزَاءً لِذَلِكَ وَالْجَزَاءُ مُسَبَّبٌ عَنْ الشَّرْطِ فَيُفِيدُ وُجُوبَ الْغَسْل لِأَجَلِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ، وَمَعَ ذَلِكَ كَانَ التَّحْقِيقُ عَدَمَ إفَادَتِهِ وُجُوبِهَا، وَالْكَلَامُ الْمَذْكُورُ تَمْوِيهٌ إذْ الْمُفَادُ بِالتَّرْكِيبِ مَعَ الْمُقَدَّرِ إنَّمَا هُوَ أَنَّ وُجُوبَ الْغُسْلِ لِأَجَلِ إرَادَةِ الصَّلَاةِ مَعَ الْحَدَثِ لَا إيجَابَ أَنْ يُغْسَلَ لِأَجَلِ الصَّلَاةِ، إذْ عَقْدُ الْجَزَاءِ الْوَاقِعَ طَلَبًا بِالشَّرْطِ يُفِيدُ طَلَبَ مَضْمُونِ الْجَزَاءِ إذَا تَحَقَّقَ مَضْمُونُ الشَّرْطِ، وَأَنَّ وُجُوبَهُ اُعْتُبِرَ مُسَبِّبًا عَنْ ذَلِكَ فَأَيْنَ طَلَبَهُ عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ هُوَ فِعْلُهُ عَلَى قَصْدِ كَوْنِهِ لِمَضْمُونِ الشَّرْطِ فَتَأَمَّلْ، وَلَقَدْ خَفِيَ هَذَا عَلَى صَاحِبِ النِّهَايَةِ حَتَّى لَمْ يُكَافِئْهُ بِالْجَوَابِ. فَإِنْ قُلْت: ذَكَرْت أَنَّ نِيَّةَ التَّيَمُّمِ لِرَدِّ السَّلَامِ لَا تُصَحِّحُهُ عَلَى ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ مَعَ «أَنَّهُ ﷺ تَيَمَّمَ لِرَدِّ السَّلَامِ» عَلَى مَا أَسْلَفْته فِي الْأَوَّلِ. فَالْجَوَابُ أَنَّ قَصْدَ رَدِّ السَّلَامِ بِالتَّيَمُّمِ لَا يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ نَوَى عِنْدَ فِعْلِ التَّيَمُّمِ التَّيَمُّمَ لَهُ، بَلْ يَجُوزُ كَوْنُهُ نَوَى مَا يَصِحُّ مَعَهُ التَّيَمُّمُ ثُمَّ يَرُدُّ السَّلَامَ إذَا صَارَ طَاهِرًا (قَوْلُهُ أَوْ جُعِلَ طَهُورًا فِي حَالَةٍ مَخْصُوصَةٍ) إنْ أَرَادَ حَالَةَ الصَّلَاةِ عَلَى مَا صَرَّحَ بِهِ فِي بَيَانِ سُنَنِ الْوُضُوءِ أَوَّلَ الْكِتَابِ فَهُوَ بِنَاءٌ عَلَى أَنَّ الْإِرَادَةَ مُرَادَةٌ فِي الْجُمْلَةِ الْمَعْطُوفَةِ

1 / 130