130

Fath Mughith

فتح المغيث بشرح ألفية الحديث

Baare

علي حسين علي

Daabacaha

مكتبة السنة

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1424 AH

Goobta Daabacaadda

مصر

يَتَأَمَّرْ عَلَيْهِ أَحَدٌ غَيْرُ النَّبِيِّ ﷺ بِخِلَافِ غَيْرِهِ، فَقَدْ تَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَبُو بَكْرٍ وَغَيْرُهُ مِنَ الْأُمَرَاءِ فِي زَمَنِهِ ﷺ، وَوَجَبَ عَلَيْهِمُ امْتِثَالُ أَمْرِهِ، فَطَرَقَهُ الِاحْتِمَالُ النَّاشِئُ عَنْهُ الِاخْتِلَافُ. وَنَحْوُهُ قَوْلُ غَيْرِهِ فِي «أُمِرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ» أَنَّهُ نَظَرَ، فَلَمْ يَجِدْ أَحَدًا تَأَمَّرَ عَلَيْهِ فِي الْأَذَانِ غَيْرَ النَّبِيِّ ﷺ فَتَمَحَّضَ أَنْ يَكُونَ هُوَ الْآمِرَ. وَيَتَأَيَّدُ بِالرِّوَايَةِ الْمُصَرِّحَةِ بِذَلِكَ، وَكَذَا قَالَ آخَرُ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَيَّدَ الِاخْتِلَافُ فِيهِمَا، بِمَا إِذَا كَانَ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الِاحْتِجَاجِ، أَمَّا فِي مَحَلِّ الِاحْتِجَاجِ فَإِنَّ الْمُجْتَهِدَ لَا يُقَلِّدُ مِثْلَهُ، فَلَا يُرِيدُ بِالسُّنَّةِ وَبِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ إِلَّا مَنْ لَهُ ذَلِكَ حَقِيقَةً، لَكِنَّ الْأَوَّلَ هُوَ الصَّحِيحُ فِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ. (وَهُوَ قَوْلُ الْأَكْثَرِ) مِنَ الْعُلَمَاءِ ; إِذْ هُوَ الْمُتَبَادِرُ إِلَى الذِّهْنِ مِنَ الْإِطْلَاقِ ; لِأَنَّ سُنَّةَ النَّبِيِّ ﷺ أَصْلٌ، وَسُنَّةَ غَيْرِهِ تَبَعٌ لِسُنَّتِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ لَا يَنْصَرِفُ بِظَاهِرِهِ إِلَّا لِمَنْ هُوَ إِلَيْهِ، وَهُوَ الشَّارِعُ ﷺ، وَأَمْرُ غَيْرِهِ تَبَعٌ، فَحَمْلُ كَلَامِهِمْ عَلَى الْأَصْلِ أَوْلَى، خُصُوصًا وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَقْصُودَ الصَّحَابَةِ بَيَانُ الشَّرْعِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ فِي مُقَدِّمَةِ جَامِعِ الْأُصُولِ فِي " أُبِيحَ " وَمَا بَعْدَهَا يَقْوَى فِي جَانِبِهِ أَلَّا يَكُونَ مُضَافًا إِلَّا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ ; لِأَنَّ هَذِهِ الْأُمُورَ لَهُ دُونَ غَيْرِهِ، قَالَ: وَلَا يُقَالُ: أَوْجَبَ الْإِمَامُ إِلَّا عَلَى تَأْوِيلٍ. وَاسْتِدْلَالُ ابْنِ حَزْمٍ الْمَاضِي لِلْمَنْعِ بِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ - مَمْنُوعٌ بِأَنَّهُ لَا انْحِصَارَ لِمُسْتَنَدِهِ فِي الْفِعْلِ، حَتَّى يُمْنَعَ إِرَادَةُ ابْنِ عُمَرَ بِالسُّنَّةِ الرَّفْعَ فِيمَنْ صُدَّ عَنِ الْحَجِّ مِمَّنْ هُوَ بِمَكَّةَ بِقِصَّةِ الْحُدَيْبِيَةِ الَّتِي صُدَّ فِيهَا عَنْ دُخُولِهَا، بَلِ الدَّائِرَةُ أَوْسَعُ مِنَ الْقَوْلِ أَوِ الْفِعْلِ أَوْ غَيْرِهِمَا، وَيَتَأَيَّدُ بِإِضَافَتِهِ السُّنَّةَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ.

1 / 144