Fath Al-Mannan - The Biography of the Commander of the Faithful Muawiyah bin Abi Sufyan
فتح المنان بسيرة أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان
Noocyada
وعلى الرغم من محاولة عليٍّ لتهدئة الموقف من جهة، والزبير وطلحة من جهة أخرى؛ إلا أن نداءاتهم لم تجد آذانًا صاغية، كما يقول ابنُ تيميَّة: «والفتنة إذا وقعتْ عجز العقلاءُ فيها عن دفع السفهاء، فصار الأكابر ﵃ عاجزين عن إطفاء الفتنة وكفِّ أهلها، وهذا شأن الفتن» (^١).
وساعد قتلةُ عثمان على إذكاء نار الحرب وتهييجها، حتى كثر القتل في الطرفين، وسالت الدماء، وتناثرت الأشلاء، وعُقر جمل أمِّ المؤمنين عائشة، والذي سُمِّيت الموقعة باسمه، واستبسل الناس في الدفاع عنها، وقُتِل طلحة والزبير ﵄ في ذلك اليوم، وردَّ عليٌّ أمَّ المؤمنين عائشة ﵂ إلى المدينة مُعزَّزَة مُكرَّمَة (^٢).
الرسائل بين عليٍّ ومعاويةَ ﵄:
بعد أن بُويع لعليٍّ ﵁ بالخلافة، بدا له عزلُ معاوية لعدم مبايعته له ودخوله تحت طوعه، فأرسل سهلَ بنَ حُنيف ليكون واليًا على الشام بدلًا منه، وذلك في سنة ست وثلاثين من الهجرة.
وخرج سهل حتى إذا كان بتبوك لقيته خيل، فقالوا: من أنت؟ قال: أمير، قالوا: على أيِّ شيء؟ قال: على الشام، قالوا: إن كان عثمان بعثك فحيهلا بك، وإن كان بعثك غيره فارجع! قال: أو ما سمعتم بالذي كان؟! قالوا: بلى، فرجع إلى عليّ (^٣).
وعند ذلك بدأ إرسال الرسل والمكاتبات بين علي ومعاوية.
_________
(^١) منهاج السنة النبوية (٤/ ٣٤٣).
(^٢) انظر: تاريخ الطبري (٤/ ٥٠٦ - ٥٣٩)، البداية والنهاية (١٠/ ٤٤٠ - ٤٦٩).
ولمزيد من التفصيل حول معركة الجمل: انظر ما سطَّره أصحاب صحيح وضعيف تاريخ الطبري (٣/ ٣٨٧ - ٣٩٩).
(^٣) في إسناده مقال: أخرجه الطبري في تاريخه (٤/ ٤٤٢) وفي سنده سيف بن عمر التميمي، تقدَّم أنه مع ضعفه فهو عمدة في التاريخ، والراوي عنه: شعيب بن إبراهيم، تقدَّم أن فيه جهالة.
1 / 82