<72>تعالى صلى في المسجد في ليلة مظلمة بالتحري ثم تبين أنه صلى بغير القبلة جازت صلاته لأنه ليس عليه أن يقرع أبواب الناس للسؤال عن القبلة ولا يعرف القبلة بمس الجدران والحيطان لأن الحوائط لو كانت منقوشة لا يمكنه تمييز المحراب من غيره وعسى يكون ثمة هامة تؤذيه فجاز له التحري المصلي إذا نوى مقام إبراهيم ولم ينو الكعبة تكلموا فيه قال الفقيه أبو أحمد العياضي إن لم يكن الرجل أتى مكة أجزأه لأن عنده المقام والبيت واحد وإن كان أتى مكة لا يجوز له لأنه عرف أن المقام غير البيت فلا تجوز صلاته إلا أن يريد به الجهة فحينئذ تجوز صلاته ولو نوى أن قبلته محراب مسجده لا تجوز صلاته لأن المحراب ليس بقبلة بل هو علامة وقوله وجهت وجهي للصلاة لا ينوب عن نية القبلة بعض مسائل النية يأتي في باب افتتاح الصلاة إن شاء الله تعالى وأما معرفة الأوقات فأول وقت الفجر حين يطلع الفجر المستطير الفجر فجران سمى العرب الأول كاذبا وهو البياض الذي يبدو كذنب السرحان ويعقبه ظلام لا يخرج به وقت العشاء ولا يثبت به شيء من أحكام النهار والثاني هو البياض الذي يستطير ويعترض في الأفق لا يزال يزداد حتى ينتشر سمي مستطيرا لذلك يثبت به أحكام النهار من حرمة الطعام والشراب للصائم وجواز أداء الفجر وآخر وقت الفجر حين تطلع الشمس وأما وقت الظهر اتفقوا على أن أول وقت الظهر حين تزول الشمس واختلفوا في آخر وقت الظهر قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى آخر وقت الظهر حين صار ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال وقال صاحبهاه رحمهما الله تعالى حين صار ظل كل شيء مثليه سوى فيء الزوال وطريق معرفة الزوال وفيء الزوال أن تغرز خشبة مستوية في الأرض مستوية فما دام الظل في الانتقاص فالشمس في حد الارتفاع فإذا أخذ الظل في الازدياد علم أن الشمس قد زالت فاجعل على رأس الظل علامة فمن موضع العلامة إلى الخشبة يكون فيء الزوال فإذا زاد على ذلك وصارت الزيادة مثل ظل أصلي العود سوى فيء الزوال يخرج وقت الظهر في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعندهما إذا صارت الزيادة مثل العود سوى فيء <73> الزوال يخرج وقت الظهر وعن محمد رحمه الله تعالى أنه جعل لمعرفة زوال الشمس طريقا آخر وهو أن يقوم الرجل مستقبل القبلة فما دامت الشمس على حاجبه الأيسر فالشمس وإذا صارت على حاجبة الأيمن علم أن الشمس قد زالت وأول وقت العصر حين يخرج وقت الظهر على الاختلاف وآخر وقتها حين تغرب الشمس ويكره التأخير إلى تغير الشمس واختلفوا في ذلك التغير قال بعضهم هو التغير في ضوء الشمس الذي على رأس الحيطان ورأس الجبال والأشجار وقال بعضهم هو التغير في قرصها وإنما يعرف التغير في قرصها أن ينظر إلى قرصها إن أمكنه أن ينظر إلى قرصها ولم تحر عيناه علم أن الشمس قد تغيرت وإن لم يمكنه النظر علم أن الشمس لم تتغير وأول وقت المغرب حين تغرب الشمس وآخرها حين يغيب الشفق وقال الشافعي رحمه الله تعالى وقتها مقدار ما يتمكن فيه من أداء ثلاث ركعات حتى لو تمكن بعد غروب الشمس من أداء ثلاث ركعات ولم يصل فيه ثم صلى بعده كان قاضيا لا موديا وأول وقت العشاء حين يغيب الشفق لا خلاف فيه إنما اختلفوا في الشفق قال أبو يوسف ومحمد والشافعي رحمهم الله تعالى هي الحمرة وقال أبو حنيفة رحمه الله تعالى هو البياض الذي يلي الحمرة حتى لو صلى العشاء بعد ما غابت الحمرة ولم يغب البياض المعترض الذي يكون بعد الحمرة لا تجوز عنده ثم تأخير العشاء إلى ثلث الليل مستحب وإلى نصف الليل مستحب وإلى نصف الليل مباح وإلى آخر الليل مكروه والأفضل في صلاة الفجر التنوير عندنا وقال الشافعي رحمه الله تعالى التغليس أفضل فعنده التعجيل بالأداء في أول الوقت في سائر الصلاة أفضل وقال الطحاوي رحمه الله تعالى في صلاة الفجر يبدأ بالتغليس ويختم بالتنوير إذا كان يريد إطالة القراءة وإن كان لا يريد فالتنوير أفضل أجمعوا على أن المستحب في صلاة الفجر بالمزدلفة هو التغليس وحد التنوير ما قال شمس الأئمة الحلواني والقاضي الإمام أبو علي النسفي رحمهما الله تعالى أنه يبدأ بالصلاة بعد انتشار البياض في وقت لو صلى الفجر بقراءة مسنونة ما بين أربعين آية إلى ستين آية أو أكثر ويرتل القراءة فإذا فرغ من الصلاة لو ظهر له سهو
Bogga 35