<70>تعالى عنه إذا جعلت المغرب عن يمينك والمشرق عن يسارك فما بينهما قبلة لأهل العراق وحين فتح خراسان جعلوا قبلة أهلها ما بين مغرب الصيف ومغرب الشتاء فعلينا اتباعهم واتباعهم في استقبال المحاريب المنصوبة فإن لم تكن فالسؤال عن الأهل أما في البحار والمفاوز فدليل القبلة النجوم لما روي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال تعلموا من النجوم ما تهتدون به إلى القبلة وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال في قبلة أهل الري اجعل الجدي على منكبك الأيمن واختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيما سوى ذلك من الأمصار وقال بعضهم إذا جعلت بنات نعش الصغرى على أذنك اليمنى وانحرفت قليلا إلى شمالك فتلك القبلة وقال بعضهم إذا جعلت الجدي خلف أذنك اليمنى فتلك القبلة عن عبد الله بن مبارك وأبي مطيع وأبي معاذ وسلم بن سالم وعلي بن يوسف رحمهم الله تعالى أنهم قالوا قبلتنا العقرب وعن بعضهم إذا كانت الشمس في برج الجوزاء ففي آخر وقت الظهر إذا استقبلت الشمس بوجهك فتلك القبلة عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى أنه قال إذا قمت مستقبل المغارب في وقت العشاء الأخيرة يكون فوق رأسك نجمان مضيآن هما بموضع زوال الشمس من رأسك وهما متقابلان فالذي عن يمينك يقال له النسر الواقع والذي عن يسارك يقال له النسر الطائر وهو أسرعهما سقوطا فإذا سقط الذي عن يمينك فبسقوطه يكون بحذاء منكبك الأيمن وإذا سقط النسر الطائر كان سقوط في وجهك بحذاء عينك اليمنى فالقبلة ما بينهما قال الفقيه أبو جعفر رحمه الله تعالى قبلة بخارا هي على قبلتنا وعن القاضي الإمام صدر الإسلام ما هو قريب من هذا فإنه قال القبلة ما بين النسرين النسر الواقع هو الذي يسميه الناس في ديارنا سبايه وهو عند نضج العنب في ديارنا وقت العشاء الأخيرة يكون حذاء رؤوسنا وبين النسر الواقع والنسر الطائر قريب من عشرين ذراعا في مرأى العين فإذا مر على رأسك تكون القبلة بينهما وعن الشيخ الإمام أبي منصور الماتريدي رحمه الله تعالى قال إذا أردت معرفة القبلة فانظر إلى مغرب الشمس في أطول أيام السنة واجعل لذلك علامة ثم انظر <71>إلى مغرب الشمس في أقصر أيام السنة واجعل لذلك علامة ثم دع الثلثين عن يمينك والثلث عن يسارك فالقبلة عند ذلك وهذه الأقاويل بعضها قريب من بعض وأقربها إلى المقصود قال الفقيه أبو جعفر والقاضي الإمام صدر الإسلام رحمهما لله تعالى رجل اشتبهت عليه القبلة فأخبره رجلان أن القبلة إلى هذا الجانب وهو يتحرى إلى جانب آخر فإن لم يكونا من أهل ذلك الموضع لم يلتف إلى كلامها لأنهما يقولان عن الاجتهاد فلا يترك اجتهاده باجتهاد غيره وإن كانا من أهل ذلك الموضع فعليه أن يأخذ بقولهما ولا يجوز له أن يخالفها لأن أهل الموضع يكون أعرف بقبلته من غيره عادة فكان خبرهما عن علم رجل دخل في الصلاة بالتحري واجتهاده كان خطأ ولم يعلم بذلك ثم علم بالصلاة فحول وجهه إلى القبلة فجاء رجل قد علم بحاله الأول ودخل في صلاته فصلاة الأول جائزة وصلاة الداخل فاسدة وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن يجوز صلاة الداخل أيضا الأعمى إذا صلى ركعة إلى غير القبلة فجاء رجل فحوله إلى القبلة واقتدى به فهو على وجهين إن كان الأعمى حين افتتح الصلاة وجد من يسأله عن القبلة فلم يسأله فسدت صلاة الإمام والمقتدي وإن لم يجد الأعمى من يسأله جازت صلاة الإمام وفسدت صلاة المقتدي لأن المقتدي زعم أنه بنى صلاته على صلاة كان أولها إلى غير القبلة رجل صلى إلى غير القبلة متعمدا روي عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أن يكفر وإن أصاب القبلة وبه أخذ الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى وكذا إذا صلى في الثوب النجس أو بغير طهارة وبعض المشايخ قالوا إن فعل ذلك بتأويل قوله تعالى {فأينما تولوا فثم وجه الله} لا يكون كافرا وقال مشايخ بخارا منهم القاضي الإمام أبو علي السغدي وشمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى إذا صلى إلى غير القبلة لا يكفر وكذا إذا صلى بالثوب النجس لأن الصلاة إلى غير القبلة جائزة حالة الاختيار وهو التطوع على الدابة ومن العلماء من جوز الصلاة في الثوب النجس فلا يحكم بكفره أما إذا صلى بغير الطهارة متعمدا فإنه يصير كافرا وقال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى يكون زنديقا لأن أحدا لم يجوز الصلاة بغير طهارة فيكون استخفافا بالله
Bogga 34