فصل فيما يوجب الغسل أسباب الغسل ثلاثة الجنابة والحيض والنفاس. * الجنابة تثبت بسببين أحدهما انفصال المني عن شهوة والثاني الإيلاج في الآدمي. *واختلفت عبارات السلف في الإيلاج الذي يتعلق به الجنابة. * عن محمد رحمه الله تعالى إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة يجب الغسل وعن أبو يوسف رحمه الله تعالى إذا توارت الحشفة في قبل أو دبر الآدمي يجب الغسل على الفاعل والمفعول به وهو الصحيح فإن الإيلاج في الدبر يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به وإن لم يوجد فيه التقاء الختانين * والإيلاج في البهائم لا يوجب الغسل ما لم ينزل لأنه ناقص في قضاء الشهوة بمنزلة الاستمتاع بالكف فلا يوجب الغسل بدون الإنزال * والإيلاج في الميتة في منزلة الإيلاج في البهائم لمكان النقصان في قضاء الشهوة وكذا الإيلاج في الصغيرة التي لا يجامع مثلها لا يوجب الغسل في قول محمد رحمه الله تعالى بدون الإنزال * إذا أتى الرجل امرأته وهي عذارء أو جامعها فيما دون الفرج لا غسل عليه ما لم ينزل لأن قيام العذرة يمنع موارة الحشفة وبدونها لا يجب الغسل ما لم ينزل. * ولا غسل على المرأة أيضا ما لم تنزل لانعدام السبب في حقها وهي موارة الحشفة. *وكذا إذا كانت ثيبا ولم تتوارى الحشفة * فإن خرج منه ودي أو مذي كان عليه الوضوء. *إذا جومعت المرأة فيما دون الفرج ووصل المني إلى رحمها وهي بكر أو ثيب لا غسل عليها لفقد السبب هو الإنزال أو موارة الحشفة حتى لو حبلت كان عليها الغسل لوجود الإنزال. *غلام ابن عشر سنين جامع امرأته البالغة عليها الغسل لوجود السبب وهو موارة الحشفة بعد توجه الخطاب ولا غسل على الغلام لانعدام الخطاب إلا أنه يؤمر بالغسل اعتيادا وتخلقا كما يؤمر بالطهارة والصلاة *ولو كان الرجل بالغا والمرأة صغيرة فالجواب على العكس. *وجماع الخصي يوجب الغسل على الفاعل والمفعول به لموارة الحشفة. * وإذا اغتسلت المرأة بعد الجماع فخرج منها مني الزوج لا يلزمها إعادة الغسل في قولهم لأن الخارج إذا لم يكن مي المرأة كان بمنزلة الحدث. *المرأة إذا احتلمت ولم يخرج منها المني حكي عن الفقيه أبي جعفر رحمه الله تعالى أنه قال ما لم يخرج المني من الفرج الداخل لا يلزمها الغسل في الأحوال كلها* وبه أخذ شمس الأئمة الحلواني رحمه الله وإليه أشار الحاكم الشهيد في المختصر فإنه قال * والمرأة في الاحتلام كالرجل وفي احتلام الرجل لا بد من خروج المني فكذا احتلام المرأة إلا أن الفرج الخارج منها بمنزلة الإليتين فيعتبر الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج *وقال بعضهم إذا وجدت المرأة لذة الإنزال كان عليها الغسل *ذكر في صلاة ابن عبد الله بن المبارك امرأة قالت معي جني يأتيني في النوم مرارا وأجد في نفسي ما أجد إذا جامعني زوجي قال لا غسل عليها وليس للرجل أن يجامع امرأته إذا كان الحجاب الذي بين القبل والدبر قد انقطع إلا أن يمكنه إتيانها في قبلها من غير تعد. *إذا احتلم الرجل وانفصل المني عن موضعه إلا أنه لم يظهر على رأس <44> الإحليل لا يلزمه الغسل لأن الجنابة تتعلق بخروج المني وهو الانتقال من موضع إلى موضع يلحقه حكم التطهير * وفي المرأة ذكرنا أنه يعتبر الخروج من الفرج الداخل إلى الفرج الخارج. * إذا استيقظ الرجل من منامه وهو يتيقن بالاحتلام ولم ير شيئا ولا يتذكر الإنزال لا غسل عليه * وإن انتبه ورأى على فراشه أو فخذه منيا كان عليه الغسل تذكر الاحتلام أو لم يتذكر * وإن رأى المذي يلزمه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله تذكر الاحتلام أو لم يتذكر *وقال أبو يوسف رحمه الله إن تذكر الاحتلام يلزمه الغسل وإلا فلا. * وفي صلاة الأصل إذا استيقظ وعنده أنه لم يحتلم ووجد بللا عليه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله. * الجنب إذا اغتسل قبل أن يبول وصلى جازت صلاته فإن خرج منه المني بعد ذلك كان عليه الغسل في قول أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله خلافا لأبي يوسف رحمه الله تعالى ولا يعيد ما صلى. *وعلى هذا الخلاف إذا استمتع بالكف فلما انفصل المني أخذ بإحليله حتى سكنت شهوته ثم خرج المني وكذا إذا جامع امرأته فيما دون الفرج أو احتلم فاستيقظ قبل خروج المني فأخذ بذكره حتى سكنت شهوته ثم خرج منه المني كان عليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله. *ولو اغتسل بعد ما بال ثم خرج منه مني أو مذي لا غسل عليه في قولهم. *إذا استيقظ الرجل من منامه فوجد على طرف إحليله مني أو مذي فإنه يغتسل إلا أن يكون قد انتشر ذكره قبل النوم فلما استيقظ وجد البلة فهاهنا لا غسل عليه لأنه إذا كان منتشرا قبل النوم فما وجد من البلة بعد الانتباه يكون من آثار ذلك الانتشار فلا يلزمه الغسل إلا أن يكون أكثر رأيه أنه مني فحينئذ يلزمه الغسل *أما إذا كان ذكره ساكنا حين نام يجعل تلك البلة منيا ويلزمه الغسل *قال شمس الأئمة الحلواني رحمه الله تعالى هذه مسألة يكثر وقوعها والناس عنها غافلون فلا بد من حفظها. * إذا نام الرجل قائما أو قاعدا أو ماشيا فوجد مذيا كان عليه الغسل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى بمنزلة ما لو نام <45> مضطجعا. *الرجل إذا صار مغمى عليه ثم أفاق فوجد مذيا قالوا لا غسل عليه *وكذا السكران إذا أفاق ثم وجد مذيا *وهذا ليس كالنوم لأن ما يراه النائم سببه ما يجده من اللذة والراحة التي تهيج منها الشهوة وأما الإغماء والسكر فليسا من أسباب الراحة. *إذا نام الرجل والمرأة في فراش واحد فلما استيقظا وجدا منيا بينهما وكل واحد منهما ينكر الاحتلام وأن يكون ذلك منيه قال الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى الغسل عليهما احتياطا *وقال غيره إن كان الماء غليظا أبيضا فهو من الرجل وإن رقيقا أصفرا فمن المرأة *وقال بعضهم إن وقع طولا فمن الرجل وإن كان مدورا فمن المرأة. *وعلى الرجل ثمن ماء الاغتسال والوضوء للمرأة لأنه من الحوائج الدائرة فيكون بمنزلة المأكول والملبوس. * الكافر إذا أجنب ثم أسلم قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى عليه الغسل *قال ولو حاضت الكافرة ثم طهرت من حيضها ثم أسلمت لا غسل عليها وأشار إلى الفرق في السير الكبير قال لأن السبب في حق الجنب هو الجنابة والجنابة مما يستدام فكان لدوامهما حكم الابتداء فيصير كأنه أجنب بعد الإسلام *وقال بعضهم لا غسل عليهما * وفرق هذا القائل بين هذا وبين الكافر المحدث إذا أسلم ثم أراد أن يصلي كان عليه الوضوء قال لأن السبب في حق المحدث هو القيام للصلاة وذلك وجد بعد الإسلام بخلاف الحيض والجنابة فإن ثمة لم يوجد السبب بعد الإسلام *وهذه فصول أربعة الأول والثاني ما قلنا والثالث الصبي إذا بلغ بالاحتلام والرابع المرأة إن بلغت بالحيض بعضهم قالوا في المرأة إذا بلغت يجب الغسل وفي الصبي لا يجب *والأحوط وجوب الغسل في الفصول كلها. *المرأة إذا أجنبت ثم حاضت إن شائت اغتسلت وإن شائت أخرت الاغتسال لأنه لا فائدة في التعجيل فإنها كانت تخرج من الجنابة لا تخرج من الحيض وحكمهما واحد. إذا أمنى الرجل من غير شهوة وانتشار لا غسل عليه في قول أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله وإن بال الرجل فخرج منه مني إن كان <46> ذكره منتشرا كان عليه الغسل وإلا فلا. *الرجل إذا كان عزبا به شبق وفرط شهوة قالوا له أن يعالج بذكره لتسكين الشهوة ولا نقول هو مأجور فعن أبي حنيفة رحمه الله أنه قال حسبت أن ينجو رأسا برأس. *الجنب إذا أراد أن يأكل أو يشرب فالمستحب له أن يغسل يديه وفاه وإن ترك لا بأس به *واختلفوا في الحائض قال بعضهم هي والجنب سواء *وقال بعضهم لا يستحب هاهنا لأن بالغسل لا يزول نجاسة الحيض عن الفم واليد بخلاف الجنابة. * وينبغي للجنب أن يدخل إصبعه في سرته عند الاغتسال *وإن علم أنه يصل الماء من غير إدخال الإصبع أجزأه. *ومن احتلم وهو في المسجد يخرج من ساعته فإن كان في جوف الليل وخاف الخروج يستحب له أن يتيمم. *إذا توضأ المحدث أو اغتسل الجنب بعد البول ثم رأى على ذكره بللا ولا يعلم أنه ماء أو بول فإنه يعيد الوضوء *وإن اعترض له ذلك في الصلاة والشيطان يوسوسه بذلك كثيرا وهو لا يتيقن بالنجاسة فإنه يمضي في صلاته ولا يلتفت إليه حتى يستيقن أنه بول وينبغي لمن ابتلي بذلك أن ينضح فرجه بالماء حتى إذا رأى بللا يجعل ذلك من الماء لا من البول.<46>(فصل في المسح على الخفين): المسح على الخفين جائز عند عامة العلماء بآثار مشهورة قريبة من المتواتر وري عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه أنه سئل عن والجماعة فقال السنة أن تحب الشيخين ولا تطعن في الختنين وتمسح على الخفين. وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى أنه قال من السنة أن تفضل الشيخين وتحب الخنتين وترى المسح على الخفين. وعن الكرخي رحمه الله تعالى من أنكر المسح على الخفين يخشى عليه الكفر وكل من أنكر ذلك من الصحابة رضى الله تعالى عنهم فقد رجع عنه قبل موته. والخف الذي يجوز عليه المسح ما يكون صالحا لقطع المسافة والمشي المتتابع عادة ويستر الكعبين وما تحتهما. وصورة المسح على الخفين أن يضع أصابع يده اليمنى على مقدم خفه الأيمن ويضع أصابع يده اليسرى على مقدم خفه الأيسر ويمدها إلى الساق فوق الكعبين ويفرج بين أصابعه وإن بدأ من أصل الساق ومد إلى الأصابع جاز <47>ولا يسن فيه التكرار. وإن مسح برؤوس الأصابع والكف لا يجوز إلا أن يبلغ ما ابتل من الخف عند الوضع مقدار الواجب وذلك ثلاثة أصابع من أصغر أصابع اليد. وإن مسح بإصبع أو إصبعين لا يجوز. وإن مسح بالإبهام والسبابة إن كانتا مفتوحتين جاز لأن ما بينهما مقدار إصبع آخر وقد ذكرنا هذا في مسح الرأس وإن مسح بإصبع واحد ثم بلها فمسح الخف ثانيا وثالثا إن مسح كل مرة غير الموضع الذي مسحه جاز كأنه مسح بثلاثة أصابع ويجوز المسح على الخف ببلل الغسل كانت البلة قاطرة أو لم تكن ولا يجوز ببلل بعد المسح وتفسيره إذا توضأ ثم مسح الخف ببلة بقيت على كفه بعد الغسل جاز ولو مسح برأسه ثم مسح الخف ببلة بقيت على الكف بعد المسح لا يجوز لأنه مسح الخف ببلة مستعملة بخلاف الأول ولا يمسح بعد مضي المدة ومدة المقيم يوم وليلة ومدة المسافر ثلاثة أيام ولياليها يعتبر المدة من وقت الحدث لا من وقت اللبس ولا من وقت المسح عندنا وتفسير ذلك أن المقيم إذا أحدث بعد طلوع الفجر فتوضأ ودام على وضوئه إلى الضحوة ولبس خفيه ثم أحدث بعد الزوال ولم يتوضأ حتى دخل وقت العصر ثم توضأ فإنه يمسح إلى ما بعد الزوال من الغد ويعتبر المدة من وقت الحدث بعد اللبس وإذا انقضت المدة وهو على وضوئه فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه خاصة. وإن انقضت مدة المسح وهو محدث فإنه ينزع خفيه ويستقبل الوضوء. ولو نزع خفيه قبل انقضاء مدة المسح أو نزع إحدى الخفين وهو على وضوئه فإنه ينزع خفيه ويغسل رجليه. وإن نزع بعض الخف فإن خرج أكثر العقب إلى الساق فهو بمنزلة ما لو خرج الكل في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا خرج الأكثر ظهر القدم فهو كخروج الكل وهن محمد رحمه الله تعالى إذا بقي في الخف مقدار ثلاثة أصابع من ظهر القدم لا ينتقض مسحه. ولو كان صدر القدم في موضعه والعقب يخرج ويدخل لا ينتقض مسحه. إذا لبس مكعبا لا يرى من كعبيه أو قدميه إلا مقدار إصبع أو إصبعين جاز المسح وهو بمنزلة الخف الذي لا ساق له ولو لبس خفا إن فتق خرزه أو أصابه شق يدخل فيه ثلاثة أصابع
Bogga 22