كقوله سبحانه: (هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ) (١) وكقوله ﷺ: «لا يَاتِيْ عليْكمْ زمانٌ إلاَ وَالَّذِي بَعْده شرٌ مِنْه» (٢) .
ومعلوم أَن المتكلم بهذه الكلمة لا يقصد أَن الدهر يتصرف بنفسه بل يعتقد أَن الدهر خلق مسخر لا يجيء ولا يذهب لا بمشيئة الله سبحانه - وإنما هذا من باب التجوز والتوسع في الكلام كقوله سبحانه (جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ) (٣) . على أَن الأَدب تركها وأَمثالها، أَما لو قصد أَن الدهر يفعل حقيقة فهذا لا شك أنه اشراك مع الله سبحانه.
وأَما وصف الدهر بالشدة والرخاء والخير والشر فلا بأس بذلك، كقوله سبحانه (سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا) (٤) وقوله: (سَبْعٌ شِدَادٌ) (٥) وقوله ﷺ: «لاَ يأْتِي زمانٌ إلاَّ الَّذي بعْده شر مِنْه» والأَدلة على ذلك كثيرة جدًا.
وأما سب الدهر فهو الذي وردت الأَدلة بالنهي عنه والتحذير منه وتحريمه كما في الصحيح عن أَبي هريرة عن النبي ﷺ قال: «قالَ الله يؤذِيني ابْن آدَمَ يسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنا الدَّهْرُ أُقلِّبُ اللَّيْل وَالنَّهارَ» . وفي رواية «لا تسُبُّوا الدَّهْرَ فإِنَّ الله هُوَ الدَّهْر» . (ص-ف-٢٠٣ في ٣-٥-٧٥هـ (٦) .
(١) سورة الانسان ١.
(٢) «لا يأتي عليكم عام ولا يوم إلا والذي بعده شر منه» أخرج أحمد والبخاري وابن ماجه عن أَنس.
(٣) سورة الكهف ٧٧.
(٤) سورة الحاقة ٧.
(٥) سورة يوسف ٤٨.
(٦) وانظر بقية الفتوى في أصول التفسير الجزء الأَخير.