131

Fatawa of Dr. Husam Afaneh

فتاوى د حسام عفانة

Noocyada

٥٥ - الأذان
الأذان الموحد:
يقول السائل: ما قولكم في توحيد الأذان في المدينة الواحدة، أي ربط جميع مساجد المدينة الواحدة بشبكة للأذان الموحد، ويؤذن مؤذن واحد ويبث الأذان من جميع المساجد؟ الجواب: إن الأذان شعيرة من شعائر الإسلام، وينبغي المحافظة على شعائر الإسلام، وعدم إدخال أي تغيير أو تبديل فيها، لأن فتح هذا الباب يؤدي إلى الابتداع في الدين. ومسألة توحيد الأذان، وجعل جميع مساجد المدينة الواحدة، مربوطة بشبكة موحدة للأذان، ويؤذن مؤذن واحد فيها، ويبث أذانه في جميع المساجد مسألة حديثة بحاجة إلى بحث ونظر، وأقول فيها: أولًا: إن تعدد المؤذنين نظرًا لتعدد المساجد أمر معروف ومشروع، وجرى عليه العمل عند المسلمين منذ عهد بعيد جدًا، حتى ولو كانت المساجد متقاربة، إن الرسول ﷺ قد أمر بالأذان كل جماعة عند حضور الصلاة، فقد روى الإمام البخاري بسنده عن مالك بن الحويرث قال: (أتيت الرسول ﷺ في نفر من قومي، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رحيمًا رفيقًا، فلما رأى شوقنا إلى أهلينا، قال: ارجعوا فكونوا فيهم، وعلموهم، وصلوا فإذا حضرت الصلاة، فليؤذن أحدكم، وليؤمكم أكبركم)، والأذان الموحد فيه مخالفة لنص هذا الحديث، حيث إن مسجدًا واحدًا فقط يؤذن فيه، وبقية المساجد لا يؤذن فيها. ثانيًا: إن الأذان الموحد فيه تفويت الأجر والثواب على المؤذنين، وقصر الأجر على مؤذن واحد، ومن المعلوم أن ثواب الأذان عظيم، فقد ورد في الحديث عن أبي هريرة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول، ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا، ولو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة والصبح، لأتوهما ولو حبوًا) رواه البخاري ومسلم. قال الإمام النووي في شرح الحديث: " النداء هو الأذان، والإستهام الإقتراع، ومعناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وقدرها وعظيم جزائه، ثم لم يجدوا طريقًا يحصلونه به لضيق الوقت عن أذان بعد أذان، أو لكونه لا يؤذن إلا واحد، لاقترعوا في تحصيله ولو يعلمون ما في الصف الأول من فضيلة نحو ما سبق، وجاءوا دفعة واحدة وضاق عنهم ثم لم يسمح بعضهم لبعض لاقترعوا عليه.... " شرح النووي على صحيح مسلم ٤/١١٨. وورد في الحديث أيضًا عن البراء بن عازب ﵁، أن رسول الله ﷺ قال: (إن الملائكة يصلون على الصف المقدم، والمؤذن يغفر له مدى صوته، وصدقه من سمعه من رطب ويابس، وله أجر من صلى معه) رواه أحمد والنّسائي بإسناد حسن جيد كما قال الحافظ المنذري وقال الشيخ الألباني: صحيح. وفي رواية أخرى عن أبي أمامة ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: (المؤذن يغفر له مد صوته وأجره أجر من صلى معه) رواه الطبراني وقال الشيخ الألباني صحيح. وعن ابن عمر ﵁، أن الرسول ﷺ قال: (من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة، وكتب له بتأذينه في كل يوم ستون حسنة وبكل إقامة ثلاثون حسنة) رواه ابن ماجة والدارقطني والحاكم وقال: صحيح على شرط البخاري، ووافقه المنذري، وقال الشيخ الألباني: صحيح، انظر صحيح الترغيب والترهيب ٩٧ - ١٠٣. ثالثًا: جاء في قرار مجلس المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي ما يلي: " إن الإكتفاء بإذاعة الأذان في المساجد عند دخول وقت الصلاة بواسطة آلة التسجيل ونحوها، لا يجزئ ولا يجوز في أداء العبادة، ولا يحصل به الأذان المشروع، وإنه يجب على المسلمين مباشرة الأذان لكل وقت من أوقات الصلاة في كل مسجد على ما توارثه المسلمون من عهد نبينا ورسولنا محمد ﷺ إلى الآن والله الموفق" انظر القول المبين ص١٧٦. رابعًا: " أفتت هيئة كبار العلماء في السعودية، بأن إذاعة الأذان عند دخول وقت الصلاة في المساجد بواسطة آلة التسجيل ونحوها، لا تجزئ في هذه العبادة " القول المبين ص١٧٦. خامسًا: " أفتت الهيئة الدائمة للإفتاء في السعودية بمثل الفتوى السابقة، بعدم جواز إذاعة الأذان من المساجد، ولا بد من الأذان في كل مسجد وإن تعددت المساجد " القول المبين ص١٧٧. سادسًا: ويضاف لما سبق احتمال انقطاع التيار الكهربائي أو حصول عطل في أجهزة البث، أو تغيب المؤذن ونحو ذلك، مما يؤدي إلى تعطل الأذان. سابعًا: إن ادعاء بعض الناس بحصول التشويش بسبب كثرة المساجد والمؤذنين غير صحيح، لأن هذا أمر شرعي ولا بد من الإلتزام به. *****

6 / 55