26

Fatawa al-Iraqi

فتاوى العراقي

Baare

حمزة أحمد فرحان

Daabacaha

دار الفتح

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

1430 AH

للوصول إلى السلطة، فكان هَمّ المماليك توطيد عروشهم وتحصينها بالجنود والسلاح، فكانوا يتنافسون في ذلك، ويتسابقون إلى أخذ الدعم من الأمراء، فكثر القتل بسبب التنافس على السلطة، وكثيراً ما يصل الملك إلى السلطة بعد ثورة وانقلاب، يحدث فيه من التقتيل ما يشاء إليه، حتى يُقتل الملك ليحل ذو الشوكة مكانه.

٤ - حاجة العرب الشديدة للماليك، وهو السبب الرئيس لقدومهم إلى بلاد العرب، فقد كان الشر يحيط بالبلاد من كلِّ حدبٍ وصوب، فكان الصليبيون يتربصون بهم، ويغزونهم بين الفينة والأخرى، وقد احتلوا كثيراً من المدن، وكان هناك الشر القادم من الشرق، فقد ظهر التتار فجأة، فاجتاحوا البلاد، وقتّلوا العباد، وخرّبوا ودمَروا وعاثوا في الأرض الفساد، فكان العرب بحاجة إلى جنود أقوياء لحماية البلاد من هذه الشرور، فأتوا بالمماليك الذين كان لهم فضل في حماية البلاد مما حلّ بغيرها من الدمار، فطردوا الصليبيين وأخرجوهم من آخر حصونهم عكا، وكانوا أهلاً لوقف هجمات التتار، وحفظوا مصر من شرورهم، ثم أخرجوهم من الشام، ولا يُنكَر فضلهم في ذلك، فمع كل تلك الفتن الداخلية التي أحدثوها، إلّا أنهم كانوا يداً على من سواهم.

ثانياً: الحالة الاجتماعية:

اشتهر ذلك العصر بالكوارث المتنوعة التي حدثت في دولة المماليك، فمنها الحرائق العظيمة التي حرقت كثيراً من البنيان والناس والدواب.

ومنها - وهو أكثرها ضرراً - الأمراض والطواعين التي حدثت في أزمات متعاقبة، وفتكت بالعامة، وكان أعظمها الطاعون الذي حدث في منتصف القرن الثامن، والذي لم يُعهد في الإسلام مثله، وكان بدايته سنة اثنتين وأربعين وسبعمائة، ومن ثمّ عمّ حتى وصل البلاد من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب، ولم تسلم منه سائر أرجاء المعمورة، وقد ابتدأ بمصر سنة ثمان وأربعين وسبعمائة، وما أن أهلّ محرّم سنة تسع وأربعين حتى

24