Fatawa al-Iraqi
فتاوى العراقي
Baare
حمزة أحمد فرحان
Daabacaha
دار الفتح
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1430 AH
القلعة، وأعاد الصالح حاجي ولقبَّه بالملك المنصور، وقبض على برقوق وسجنه، فثار الأمير منطاش على الناصري وسجنه، ثم حارب برقوق بعد أن خرج من السجن، فقدم برقوق إلى مصر واستبدَّ بالسلطة حتى مات في شوال سنة إحدى وثمانمائة. وقام من بعده ابنه الناصر زين أبو السعادات فرج، وعمره نحو العشر سنين، ودبر أمر الدولة الأمیر أيتمش، ثم ثار به بعض الأمراء ففرّ إلى الشام وقُتل بها(١).
ولم تزل أيام الناصر كلها كثيرة الفتن والشرور والغلاء والوباء، وطرق الشام فيها الأمير تيمورلنك، فخرّبها كلها وحرّقها، وعمل بالقتل والنهب والأسر حتى تمزّق أهلها في جميع الأقطار، ثم دهمها بعد رحيله الجراد، فاشتد بها الغلاء، وشَنُعَ موت أهلها، واستمرت بها مع ذلك الفتن، وقصُر مَدُّ النيل بمصر حتى شرقت الأراضي إلا قليلاً، وعظم الغلاء والفناء، فباع أهل الصعيد أولادهم من الجوع، وشمل الخراب العظيم عامة أرض مصر وبلاد الشام، من حيث يصبّ النيل من الجنادل(٢) إلى حيث مجرى الفرات.
وابتلي مع ذلك بكثرة فتن الأميرين نوروز الحافظي، وشيخ المحمودي، وخروجهما من بلاد الشام عن طاعته، فتردّد لمحاربتهما مراراً حتى هزماه ثم قتلاه، سنة خمس عشرة وثمانمائة(٣).
وخلال تلك الفترة حصلت عدة حروب على السلطة، فقد عاد الملك الظاهر سيف الدين في سلطنته الثانية سنة اثنين وتسعين وسبعمائة(٤)، ثم تولى بعده الناصر زين الدين
(١) ابن دقماق، الجوهر الثمين ص ٤٥٧ وما بعدها، والمقريزي، الخطط ٣/ ٤٢٠-٤٢١.
(٢) الجنادل: جمع جَنْدَل كجعفر: الحجارة - وتكسر الدال - وكَعُلَبطٍ أي جُنَدِل: الموضع تجتمع فيه الحجارة، ومنه سمي المكان في مجرى النهر ذات حجارة، يشتدُّ عندها جريان النهر. (ابن منظور، لسان العرب، والفيروز آبادي، القاموس المحيط، ص١٢٦٦، ود. أنيس، إبراهيم وآخرون، المعجم الوسيط، ٤٠/١).
(٣) المقريزي، الخطط ٣/ ٤٢١-٤٢٢.
(٤) المقريزي، السلوك، ٢٨٣/٥.
21