154

Fatawa

فتاوى السبكي

Daabacaha

دار المعارف

قِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَفِي نِهَايَةِ الِاخْتِصَارِ الْمَنْسُوبِ إلَى النَّوَوِيِّ ﵀ وَيُؤَكِّدُ الضُّحَى وَالتَّهَجُّدَ وَالتَّرَاوِيحَ. وَعِنْدَ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ وَجَمَاعَةٍ: التَّرَاوِيحُ مِمَّا يُسَنُّ لَهُ الْجَمَاعَةُ وَقَالُوا: إنَّ مَا سُنَّتْ لَهُ الْجَمَاعَةُ آكَدُ مِمَّا لَمْ تُسَنَّ لَهُ الْجَمَاعَةُ، وَكَلَامُ التَّنْبِيهِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ ﵁ عَنْهُ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ: إحْدَاهَا ذَكَرَهَا صَاحِبُ شَرْحِ الْمُخْتَارِ وَقَالَ رَوَى أَسَدُ بْنُ عَمْرٍو عَنْ أَبِي يُوسُفَ قَالَ سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ ﵀ عَنْ التَّرَاوِيحِ وَمَا فَعَلَهُ عُمَرُ ﵁ فَقَالَ: التَّرَاوِيحُ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَلَمْ يُخْرِجْهُ عُمَرُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مُبْتَدِعًا وَلَمْ يَأْمُرْ بِهِ إلَّا عَنْ أَصْلٍ لَدَيْهِ وَعَهْدٍ مِنْ لَدُنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَلَقَدْ سَنَّ عُمَرُ هَذَا وَجَمَعَ النَّاسَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ وَصَلَّاهَا جَمَاعَةٌ مُتَوَاتِرُونَ مِنْهُمْ عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَابْنُ مَسْعُودٍ وَطَلْحَةُ وَالْعَبَّاسُ وَابْنُهُ وَالزُّبَيْرُ وَمُعَاذٌ وَأُبَيٌّ وَغَيْرُهُمْ مِنْ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ ﵃ أَجْمَعِينَ - وَمَا رَدَّ عَلَيْهِ وَاحِدٌ مِنْهُمْ بَلْ سَاعَدُوهُ وَوَافَقُوهُ وَأَمَرُوا بِذَلِكَ (الْعِبَارَةُ الثَّانِيَةُ) ذَكَرَهَا الْأُسْتَاذُ الشَّهِيدُ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: الْقِيَامُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ سُنَّةٌ لَا يَنْبَغِي تَرْكُهَا. (الْعِبَارَةُ الثَّالِثَةُ) ذَكَرَهَا السَّرَخْسِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ التَّرَاوِيحَ سُنَّةٌ لَا يَجُوزُ تَرْكُهَا. وَقَالَ الْعَتَّابِيُّ فِي جَوَامِعِ الْفِقْهِ أَمَّا السُّنَنُ فَمِنْهَا التَّرَاوِيحُ وَأَنَّهَا سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَالْجَمَاعَةُ فِيهَا وَاجِبَةٌ. وَقَالَ صَاحِبُ الْمَبْسُوطِ: أَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهَا وَلَمْ يُنْكِرْهَا أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ وَأَنْكَرَهَا الرَّوَافِضُ. وَفِي الْمُحِيطِ الْوَتْرُ سُنَّةٌ. وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: يَعْنِي سُنَّةً لِلرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ. وَقَالَ بَعْضُ الرَّوَافِضِ: هِيَ سُنَّةٌ لِلرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: سُنَّةُ عُمَرَ وَعِنْدَنَا هِيَ سُنَّةُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: قِيَامُ رَمَضَانَ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ لِأَنَّهُمْ قَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلنَّاسِ تَعْطِيلُ الْمَسَاجِدِ عَنْ قِيَامِ رَمَضَانَ. وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ فَإِنَّ مَالِكًا ﵁ أَرَادَ أَمِيرُ الْمَدِينَةِ أَنْ يَنْقُصَهَا عَنْ الْعَدَدِ الَّذِي كَانَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَقُومُونَ بِهِ وَهُوَ تِسْعٌ وَثَلَاثُونَ فَشَاوَرَ مَالِكًا فَنَهَاهُ مَالِكٌ عَنْ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: قِيَامُ رَمَضَانَ سُنَّةٌ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ وَأَمَّا الْحَنَابِلَةُ فَقَالَ الشَّيْخُ الْمُوَفَّقُ بْنُ قُدَامَةَ فِي الْمُغْنِي: صَلَاةُ التَّرَاوِيحِ وَهِيَ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ وَأَوَّلُ مَنْ سَنَّهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. وَأَمَّا الْعُلَمَاءُ مِنْ غَيْرِ الْمَذَاهِبِ الْأَرْبَعَةِ فَقَالَ اللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ: لَوْ أَنَّ النَّاسَ قَامُوا رَمَضَانَ لِأَنْفُسِهِمْ وَلِأَهْلِيهِمْ كُلِّهِمْ حَتَّى يُتْرَكَ الْمَسْجِدُ لَا يَقُومُ فِيهِ أَحَدٌ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُخْرَجُوا مِنْ بُيُوتِهِمْ إلَى الْمَسْجِدِ حَتَّى يَقُومُوا فِيهِ لِأَنَّ قِيَامَ النَّاسِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ

1 / 156