الفصل السادس
لمياء فتاة القيروان
وكان المعز قد بات تلك الليلة وخف بلباله بعد ما دار بينه وبين قائده من الحديث. وفى صباح اليوم التالي قام بفروض الصلاة ثم ذهب إلى العمل، وبينما هو جالس في ديوانه ينظر في أعماله ويقرأ كتب العمال، ويجيب عليها بنفسه جاء غلامه خفيف الصقلي وأستأذنه في كلمة فقال: «ما وراؤك؟»
قال: «إن مولاي القائد بعث فتاة قال إنها لقصر مولانا.»
فقال المعز: «أدخلها ... أين هي؟»
فدخلت الفتاة وهي تنظر إلى ما في تلك القاعة من صناديق الكتب وليس فيها غير الخليفة وكاتب. وكانت لمياء طويلة القامة أشبه في مشيتها بالرجال منها بالنساء مع جمال وهيبة. سمراء اللون كبيرة العينين إذا نظرت فيهما توهمت أنهما تخاطبانك بصيغة الأمر. مقوسة الحاجبين متناسبة الملامح غليظة الشفتين قليلا عريضة الوجنتين مما يدل على القوة. حول رأسها عصابة تدل منها خيوط في أطرافها كرات من الذهب أو قطع أخرى من المصوغات. وقد أرسل شعرها على كتفيها متجعدا وأحاط به رداء كالخمار عقد في أعلى الصدر بعروة من الذهب. وحول عنقها عقود من الجزع ونحوه - كما ترى في الشكل.
فلما وقع نظر المعز عليها لم يتمالك عن الإعجاب بها، وخصوصا بعد ما سمعه عنها من قائده فاستدناها وهش لها تلطفا وقال: «تقدمي يا فتاة ... ما هو اسمك؟»
قالت: «لمياء يا أمير المؤمنين.»
قال: «ألعلك ابنة نصيرنا صاحب سجلماسة؟»
قالت: «نعم يا مولاي.»
Bog aan la aqoon