فأدرك الخليفة أنها تعرض بفتح مصر انتقاما من صاحبها فالتفت إلى القائد جوهر وابتسم؛ لأنه كان يحادثه في شيء من ذلك قبل مجيء لمياء فنظر القائد إلى الخليفة وابتسم ابتسامة الظافر؛ لأنه كان يرى العزم على فتحها والخليفة يتخوف ويتردد فسره أن تقترح لمياء مثل اقتراحه.
وأدركت لمياء ذلك فقالت: «لا ينبغي لنا أن نتردد في تحميل صاحب مصر عواقب هذه الخيانة؛ فإنه شريك فيها، ولا خوف منه فإنه الآن عبد ذميم (كافور) وأحوال مصر في غاية الاختلال.»
فرأى المعز أن يقطع الحديث في هذا الموضوع ريثما يفكر في الأمر وهو لا يحب أن يقول قولا إن لم يكن مصمما عليه، فقال: «إن أمر مصر لا يزال بعيدا وربما فكرنا فيه في فرصة أخرى ... فنحن نحب أن نعجل بالعقد عليك للحسين.»
قالت: «لا أظن رأي الحسين إلا موافقا لرأيي؛ لأنه ليس أقل غيرة على مصلحة أمير المؤمنين مني ... أرجو من مولاي أن يجعل أمر مصر مقدما على كل شيء وأنا أضمن الظفر بإذن الله.»
فأعجب بتلك الحمية وقال: «ليس ضمان ذلك بالأمر السهل يا بنية ... إنه يحتاج إلى المال والرجال.»
فنظرت إلى الخليفة وقد تغيرت سحنتها وبانت البسالة في جبينها، وقالت: «إن الرجال موجودون يا سيدي ومن كان في قواده مثل القائد جوهر لا يخشى بأسا؛ فقد فتح المغرب على أهون سبيل، وهل يظن أمير المؤمنين فتح مصر أعظم مشقة؟»
فاستحسن المعز إطراءها قائده وقال: «هذا مسلم ولكن ما قولك بالمال إنه لا بد منه لهذا العمل .»
قالت وفى صوتها لحن التأكيد «والمال موجود أيضا.»
فبغت الجميع من تأكيدها وتوجهوا نحوها بأبصارهم وقال الخليفة «من أين لنا المال الكافي ونحن لم نفرغ من الحروب إلا بالأمس.»
قالت: «قلت لمولاي إن المال موجود وسأبين له ذلك متى شاء، فإذا فعلت هل يبقى لديه مانع؟»
Bog aan la aqoon