فقال له الأمير: «لو اقتصرت على كونك من لخم لكان سهلا ولكنك أقررت بأنك صديق لعدونا فأنت مقيم في أسرنا حتى نرى ما يكون من أمرك.» ثم أمر فأخرجوه مخفورا إلى خيمة منفردة جعلوه فيها.
الفصل العشرون
غزوة مؤتة
ولو كان عبد الله ممن لم يتعودوا الأخطار لاستعظم الأمر كثيرا ولكنه لعلمه ببراءته صبر نفسه حتى يتمكن من إظهار حقيقة حاله على أنه ما زال في ريب من أمر هذا الجيش ومجيئه من الحجاز إلى الشام فأحب الإطلاع على مهمته حتى يعرف كيف يخلص نفسه فلما وصل الخيمة جاءه بعض الخفر وأخذ يسأله عن أبي سفيان وكيف لقيه وأين فارقه فاغتنم تلك الفرصة فقال للرجل: «إلى أين تقصدون بهذا الجند.»
قال: «نقصد مشارف الشام لحرب الروم.»
قال: «وما الذي دعاكم إلى حربهم.»
قال: «دعانا إلى حربهم ما رأيناه من وقاحتهم.»
فقال: «وما أوجب ذلك وأنتم من قريش على ما يظهر ومقامكم في الحجاز وليس بينكم وبينهم علاقة.»
فقال: «أن نبينا محمدا الذي أرسله الله نذيرا للناس كافة أنذرهم بكتاب يدعوهم فيه إلى الإسلام فما وصل الكتاب إلى الغسانى أمير العرب المتنصرة حتى مزقه وقتل رسولنا فاشتد الأمر على نبينا فبعث مولاه زيد بن حارثة في هذا الجند لقتال الروم.»
فقال عبد الله: «قد رأيت رسولكم إلى هرقل بمثل هذا الكتاب فلم يفعل به مثل ذلك.»
Bog aan la aqoon